مقال

الظاهر بيبرس يواجه التتار في عيد الفطر

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الظاهر بيبرس يواجه التتار في عيد الفطر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 15 يناير 2024

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد ذكرت المصادر التاريخية أنه في أول أيام عيد الفطر أرسل سيف الدين قطز قائده الظاهر بيبرس بمقدمة جيشه لتتبع الفارين من التتار، وتطهير المدن الشامية الأخرى من الحاميات التتارية، فوصل بيبرس لحمص، واقتحم معسكرات الحامية التتارية وقضى عليهم وهرب من هرب منهم، وأُطلق سراح المسلمين الأسرى الذين كانوا في قبضة التتار، ثم انطلقوا خلف الحاميات التتارية الهاربة، فقتلوا أكثرهم وأسروا الباقين ولم يفلت منهم إلا الشريد، ثم اتجه بيبرس بمقدمة جيشه إلى حلب، ففر منها التتار، واستطاع المسلمون تطهير بلاد الشام بأكملها من التتار في بضعة أسابيع.

ما إن حرر قطز مدن الشام حتى خُطب له على المنابر في كل المدن المصرية الشامية والفلسطينية، أعلن سيف الدين قطز توحيد مصر والشام تحت دولة واحدة بزعامته، وكانت هذه الوحدة هي الوحدة الأولى بين الإقليمين منذ عشر سنوات، وذلك منذ وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب، وبدأ قطز في توزيع الولايات الإسلامية على الأمراء المسلمين، وأرجع بعض الأمراء الأيوبيين إلى مناصبهم، وذلك ليضمن عدم حدوث أي فتنة في بلاد ومدن الشام، فأعطى قطز إمارة حمص للأشرف الأيوبي، وأعطى إمارة حلب لعلاء الدين بن بدر الدين لؤلؤ، وأعطى إمارة حماة للأمير المنصور، وعين الأمير المملوكي جمال الدين آقوش الشمسي قاتل القائد المغولي كتبغا على الساحل الفلسطيني وغزة، أما دمشق فقد عين عليها علم الدين سنجر الحلبي.

وفي يوم السادس والعشرين من شهر شوال لعام ستمائة وثماني وخمسين من الهجرة، الموافق شهر يوليو ألف ومائتان وستون ميلادي، عاد سيف الدين قطز لمصر، وكانت نهاية سيف الدين قطز بعد معركة عين جالوت بخمسين يوم فقط، اتفق المؤرخون على أن قطز قتل وهو في طريق عودته من دمشق إلى القاهرة في منطقة تسمى الصالحية، ولكنهم اختلفوا في من قتله، ومنهم من يقول أن مقتله كان على يد القائد المملوكي الظاهر بيبرس، واختلف المؤرخون في سبب إقدام بيبرس على قتل السلطان قطز، فابن خلدون في مقدمته يروي أن المماليك الحربية بقيادة بيبرس كانت تتحين الفرصة لقتل قطز لأخذ الثأر لمقتل أميرهم فارس الدين أقطاي، الذي تولى قطز قتله في عهد السلطان عز الدين أيبك، فلما غادر قطز دمشق وقرب من مصر.

ذهب في بعض أيامه يتصيد وسارت الرواحل على الطريق فاتبعوه المماليك وعلاه بيبرس بالسيف فخر صريعا في حين يقول جلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء أن قطز وعد بيبرس بإعطائه إمارة حلب ثم رجع قطز عن وعده، فتأثر بيبرس بذلك، ولما رجع قطز إلى مصر كان بيبرس قد أضمر الشر وأسر ذلك في نفسه، ثم اتفق بيبرس وجماعة من الأمراء على قتل المظفر فقتلوه في الطريق، أما المؤرخ قاسم عبده قاسم فقال أن بيبرس ظن أنه أحق بالعرش من قطز، لا سيما وأنه صاحب دور كبير في هزيمة الحملة الصليبية السابعة بقيادة الملك لويس التاسع قبل عشر سنوات في المنصورة، كما أنه لعب دورا كبيرا في هزيمة المغول في عين جالوت، وأنه كان أول من ألحق بهم هزيمة عندما دمر طليعة الجيش المغولي.

ثم طارد فلوله المنسحبة حتى أعالي بلاد الشام، وكان بيبرس ابن عصره، وكانت تلك هي الأفكار السياسية السائدة آنذاك، ولم تكن هناك مؤسسات شورية قوية في اختيار الحاكم، وغاب الفقه السياسي في الإسلام المتعلق باختيار السلطان أو الملك أو الحاكم، فأدى ذلك لقتل قطز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى