مقال

حسن التقديم والتفصيل

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن حسن التقديم والتفصيل
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الثلاثاء الموافق 2 يناير 2024

الحمد لله الذي جعل البيعة أساس التقوى والطاعة، وجعل الطاعة أساس الوحدة والجماعة، وجعل الجماعة أساس التقدم والصناعة، وأشهد أن لا إله إلا الله أكرمنا بشرع ملؤه الأمن والأمان والعفاف والقناعة، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أكرمه الله بالرحمة والشفاعة، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ذوي الإقدام والشجاعة، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الساعة، ثم أما بعد اعلموا يرحمكم الله أننا إذا أردنا أن نتحدث عن أي أمر من موضوع، أو مسألة، أو مناسبة من أجل إستيعابه لا بد أن يكون ذلك من خلال أربع وسائل وهم حسن التعريف والتحصيل من أجل الاقتناع به، ثم حسن الاستدلال والتأصيل من أجل إقناع الغير به بدليل المنقول الصحيح والمعقول السليم ثم حسن التقديم والتفصيل.

من أجل إمتاع الغير به بروعة الأسلوب وجمال المعاني، ثم حسن التنفيذ والتنزيل بالممارسة العملية، فما حسن التعريف والتحصيل فإن الذكريات أمر يلازم الإنسان في حياته، فيتذكر ذكرياته الخاصة حينما تدور دورتها في التاريخ، فيعاود قلبه التألم والأسى لمؤلمها، كما يعاود الفرح والسرور لجميلها، والوقوف عند الذكريات ينفع من يخشى ويتدبر، ويفيد من يتقي ويعتبر، ومعنى الذكرى أن نتذكر في الذهن حدثا وقع في الماضي، ثم نذكره بألسنتنا في الحال، ثم نحاول الانتفاع به والاستفادة منه بأعمالنا في المستقبل هذا هو معنى الذكرى، فمن أنكر هذا الحلال في الذكريات فقد تنطع، ومن زاد هذا إلى المحرمات فقد ابتدع، وقد هلك المتنطعون وضل المبتدعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما حسن الاستدلال والتأصيل فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتذكر زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها كلما وقف على مناسبة لها علاقة بها، ثم يذكرها بلسانه مادحا لها ومثنيا عليها، ثم يقوم بتكريم من لها علاقة بها من صواحبها من النساء إكراما لها ووفاء لذكراها وليس بالضرورة أن تكون المناسبة زمنية بل قد تكون حدثا واقعيا، أو مناسبة شخصية رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلم شخصا له ذكره بها فيبادر إلى ذكرها والإشادة بها وتكريم من ذكرها بها أو واقعية، ةلقد ماتت أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها بعد أن كانت بجانبه صلى الله عليه وسلم بنفسها ومالها، وكانت أول الواقفين وأول المساندين وأول المسلمين، حتى سمي في السيرة العام الذي ماتت فيه عام الحزن.

وكان صلى الله عليه وسلم كلما كان في داره طعام جيد يقول خذوا هذه لصاحبات خديجة، خذوا هذا الطعام لأهلها، كان يتذكرها بأهلها وقد مر على موتها سنوات، فيرسل إليهم الهدايا والعطايا، وإذا جاءت واحدة من قريباتها يستبشر ويكرمها ويقول صلى الله عليه وسلم “لقد كانت تأتينا زمن خديجة” فكان صلى الله عليه وسلم يكثر من ذكراها وذكرها، حتى غارت السيدة عائشة رضي الله عنها منها، فقالت قد أبدلك الله خيرا منها، وتقصد نفسها لأنها هي الفتية الشابة، فقال صلى الله عليه وسلم “لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، لقد واستني بمالها إذ حرمني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وآمنت بي إذ كفر بي الناس، ورزقني الله منها الولد ولم أرزق الولد من غيرها” وهذا هو معنى الذكرى، وهذا هو أصلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى