مقال

رجال عرفوا حقيقة الدنيا

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن رجال عرفوا حقيقة الدنيا
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل أبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، أما بعد، إن الشجاعة هو أن يكون القلب شجاعا، وأن يكون القلب مقداما، وكم من أقوام ترى أحدهم في جسم البغال، وأحلام العصافير ولا يكاد ربما يقوى على قتل حشرة تؤذيه، أو تؤذي أهله ولذالك كان السلف رحمهم الله تعالى يعلمون أن الشجاعة لا تعتمد على قوة جسد أو تعتمد على طول أو عرض إنما تعتمد على إقبال داخلي.

وكان البراء بن مالك رضي الله تعالى عنه يراه الناس نحيلا قصيرا ربما حركته الريح، وقال أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه “كان النبي صلي الله عليه وسلم أحسن الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصوت، فاستقبلهم النبي صلي الله عليه وسلم، وقد استبرأ الخبر، وهو على فرسٍ لأبي طلحة عُريٍ، وفي عنقه السيف، وهو يقول صلي الله عليه وسلم ” لم تراعوا، لم تراعوا” ثم قال “وجدناه بحرا” أو قال “إنه لبحر” رواه البخاري، ومعني كلمة “عري” أي فرس من غير سرج، وقال “على فرس لأبي طلحة عري” وهو صلى الله عليه وسلم يشير لنا، يقول “لم تراعو، لم تراعو” أي ركب عليه الصلاة والسلام على أقرب فرس لقيه ولم ينتظر عليه الصلاة والسلام أن يشد السرج عليه.

وإنما كان شجاعا مقداما جريئا، امتطى عليه الصلاة والسلام صهوة الفرس ليمضي إلى ذلك العدو، أو ذلك الذي يفزع الناس، وكان صلي الله عليه وسلم يمدح أصحابه الشجعان، ويقويهم ويؤيدهم ويعلم النبي صلي الله عليه وسلم وهو يمدحهم أن الشجاعة لا تعتمد على قوة بدن، ولا على طول في الجسد، ولا على صلابة في العظام، وإنما الشجاعة هاهنا، وقيل أنه أثناء معركة القادسية تقدم من سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه رجل كفيف، وهو عبدالله بن أم مكتوم وكان مؤذنا لرسول الله صلي الله عليه وسلم مع بلال بن رباح رضي الله عنهم اجمعين وانضم إلى الجيش رغم أن الجهاد رفع عنه لأنه كفيف وطلب أن يمسك باللواء فرفض سعد بشدة وقال له كيف؟ وأنت كفيف، فقال له عبدالله يا سعد إن المبصر إذا رأى الفرس فسيهرب.

ولكنني لا أرى شيئا فسأثبت مكاني، فقال سعد ابن أبي وقاص صدقت، وأعطاه اللواء، وبعد المعركة وجدوه شهيدا واللواء في يده، فهؤلاء عرفوا حقيقة الدنيا فتاجروا مع الله عز وجل، فيجب علينا أن نتراحم ونتسامح فيما بيننا، وليست المسامحة في الحقوق المادية وحدها بل من ظلمك أو كان لك عنده حق أدبي فسامحه رجاء أن يسامحك الله عز وجل ويتجاوز عنك، فقال تعالى فى سورة آل عمران ” والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين” ويقول الله تعالى في محكم آياته فى سورة الحج ” يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون” ونسأل الله جل وعلا أن يغفر لنا وإياكم أجمعين، ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا، وأنت خير الراحمين، ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين، اللهم أكرمنا بالجنان والرضوان، وأعذنا من سخطك والنيران، اللهم أكرمنا بجنانك والرضوان، وأعذنا من سخطك والنيران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى