الدكروري يكتب عن الإبتلاء بالسراء والضراء بقلم/ محمـــد الدكـــروري اليوم : الأثنين الموافق 18 ديسمبر
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خاتم النبيين، وإمام المتقين، وقائد الزاهدين، وسيد الفصحاء، ورأس البلغاء، وخطيبهم إذا وفدوا، والشفيع المشفع إذا وقفوا، وعلى آله وصحبه أجمعين ثم أما بعد، روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعدَ المنبر فقال آمين، آمين، آمين، قيل يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت آمين، آمين، آمين، فقال صلى الله عليه وسلم إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان، فلم يُغفر له، فدخل النار، فأبعده الله، قل آمين، فقلت آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدهما، فلم يبرهما، فمات، فدخل النار، فأبعده الله، قل آمين، فقلت آمين، ومن ذكرت عنده، فلم يصلي عليك، فمات، فدخل النار، فأبعده الله، قل آمين، فقلت آمين”
وكما ينبغي الصلاة والسلام علي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند كتابة اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى “لو لم يكن لصاحب الحديث فائدة إلا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يصلي عليه ما دام في ذلك الكتاب” وبين تكبيرات العيد، وعند جبل الصفا والمروة، واعلموا يرحمكم الله إن الله عز وجل يبتلى عباده تارة بالسراء والأمور المفرحة من أنواع النعم وصنوف المباهج وألوان الملذات، ويبتليهم تبارك وتعالى، تارة بالمصائب والبلايا والرزايا والمحن، وكل ذلك ابتلاء، فالمنعم عليه بأنواع النعم مُبتلى، والمصاب بأنواع المصائب مبتلى والمؤمن في نوعي الابتلاء صائر إلى خير ومُقدم إلى خير، وهاهنا يعجب نبينا صلوات الله وسلامه عليه كما جاء في حديث صهيب بن سنان.
وهو في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، ولا يكون ذلك لأحد إلا للمؤمن ” نعم لا يكون ذلك لأحد إلا للمؤمن لأن المؤمن إذا أصابه الله تبارك وتعالى بسراء أي بأمر يسره ويفرحه ويسعده، يعلم أن ذلك نعمة من الله وفضل ومنة فيشكر الله تبارك وتعالى ويحمده سبحانه فيفوز في هذا المقام بأجر الشاكرين الحامدين، وإذا ابتلي المؤمن في هذه الحياة بضراء أي بأمر أضر به وأرقه، وأحزنه وأقلقه وآلمه فإنه يعلم أن ما أصابه فإنما هو بإذن الله، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه فيعلم أن ما أصابه من عند الله فيرضى ويسلم ويصبر، فيفوز هنا بأجر الصابرين، فالمؤمن في سرائه وضرائه فائز أما في سرائه فهو فائز بثواب الشاكرين.
وأما في ضرائه فهو فائز بثواب الصابرين، أما من لم يكن على الإيمان السديد والطاعة للرب الحميد سبحانه فإنه في سرائة لا يعرف نعمة الله عليه، بل يجحدها، كما قال الله عز وجل عن أمثال هؤلاء فى سورة النحل ” يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها” فإذا أغدق الله عليه العطايا ووالى عليه المنن والهبات قال جاحدا لنعمة ربه كما جاء فى سورة القصص ” إنما أوتيته على علم عندى” أو قال إنما ورثته كابرا عن كابر، أو قال إنما حصلت عليه بعرق جبيني وجدارتى وحذقي ومهارتي، ونحو ذلك من الألفاظ التي تدل على رقة الدين وضعف الإيمان، ثم إن الله تعالى إذا ابتلاه بأنواع من المصائب والرزايا تسخط وجزع وشكا الله تبارك وتعالى إلى عباده فيكون خاسرا في حالتيه الاثنتين، في ابتلائه بالسراء وابتلائه بالضراء.
ولهذا علينا أن نحقق ما يكون به فوزنا في سرائنا وضرائنا، ففي السراء نكون شاكرين وفي الضراء نكون صابرين فننال الخير كله ونفوز بسعادة الدنيا والآخرة، وإن الله عز وجل يبتلى عباده بالسراء ليميز الشاكر من الكافر، فإنه تبارك وتعالى يبتلى عباده كذلك بالضراء ليميز الجازع من الصابر ولهذا يقول الله تبارك وتعالى فى سورة البقرة ” ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونفص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون” .