
الدكروري يكتب عن إحياء العمل بالإسلام
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، فهو صلي الله عليه وسلم القدوة الحسنة فقد استطاع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن يغرس قيم الإسلام في نفوس أصحابه الكرام، وأن يعمق في نفوسهم حب الحق والخير والشجاعة والوفاء والإخلاص، وليس هناك ما يهُز الإيمان بالقيم الإنسانية مثل الانفصام بين الداعي والمدعوين، وبين المعلم والمريدين، وبين الدعوة والتنفيذ، وبين القول والعمل، وهذا هو الذي نعاه الله سبحانه وتعالى على بني إسرائيل، فقال تعالي كما جاء في سورة البقرة ” أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون” فهل فكر المسلمون وقد شغلوا أنفسهم بالصور والأقوال في مدى صلتهم بشريعة هذا النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم.
التي ختم الله بها رسالاته إلى خلقه، وجعلها عامة خالدة في العالمين؟ فهل فكروا في أن مجرد الذكرى الصورية الوقتية لرسول هذه الشريعة، يغني عن العمل الدائم والتوجيه المستمر في سبيل إحيائها في النفوس؟ وهل فكروا في أن مجرد الانتساب وإجراء كلمة الشهادة على اللسان، ينجيهم من خطر المسؤولية التقصيرية فيما أخذ الله به عليهم العهد والميثاق، فيا أيها الأخ الكريم، تسألني كيف نحيي العمل بالإسلام؟ وهو سؤال طالما تردد في صدري، وطالما ترقبته من شخصية لها حق الاستشارة في وسائل التوجيه، وكم كنت أتمنى أن تسألني معك هذا السؤال شخصية أخرى نيط بها إعداد رجل الدين الذي يفهم الحياة والإسلام على وجههما الصحيح، والذي يجوس خلال الديار، ويمتلك بعلمه وعمله.
وحكمته وبيانه قلوب الناس، فيهرعون إلى مجلسه، ويمتلئون إيمانا بما يقول، كنت أتمنى ذلك لأقول لك ولصاحبك أنتما المسؤولان عن إحياء العمل بالإسلام، فالإذاعة والصحافة والنشر هم وسائل إن أُريد لها أن تنفح الناس بريح طيبة، تجري بهم رُخاء إلى الكمال كانت الموجه المفيد، وكانت العُدة القوية في إحياء العمل بالإسلام، وإن أُريد لها كما نراها اليوم في كثير من مجتمعاتنا عكس ذلك تنفث سموم التحلل، وتُغري بألوان العبث كانت المُوجه الضار الذي لا ينفع معه تثقيف ولا تهذيب، وكانت العُدة القوية التي لا يظفر بمثلها خصوم الإسلام في إماتته عند أهله، وانتزاع مبادئه من قلوبهم، وإذن يتحتم عليك أيها الأخ وعلى إخوانك مستشاري هذه الوسائل في بلادنا الإسلامية أن تجتمعوا وتتشاوروا.
في وضع منهج عام يقضي على الأقل بتنقيتها مما يوجه الشباب الغافل نحو الغيرة على الدين وفضائله باسم التجديد والتقدم، أما القائمون بإعداد رجل الدين، فهم يعلمون أنهم وقفوا في إعداده عند مرحلة لا تهيئ لكشف غامض، ولا إزالة شبهة، ولا إظهار حكمة، عند مرحلة لا تمكن واعظًا ولا مرشدا من إنفاذ وعظه إلى القلوب، عند مرحلة قديمة من القول ليس بينها وبين حاضر الناس ما ينبّه الشعور، أو يوقظ الوعي، عند مرحلة رأوا أن فيها كفاف عيشهم، فعكفوا عليها، وبذلك عميت على الناس فضائل الدين، وانطمست أحكامه في عقولهم، وانصرفوا إلى ما يلبي شهوتهم، أو يحقق لهم ثقافة وافدة عليهم من سماء غير سمائنا، وإذن فمن الواجب الحتم على هؤلاء إحياء للعمل بالإسلام وإعادة النظر في منهج التكوين لرجل الدين.
الذي نراه في جماعة التشريع والتقنين، والذي نراه في مرتبة الاجتهاد واستنباط الأحكام، والذي نراه في ميادين الوعظ والدعوة، يمتلك على الناس أفئدتهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وبدافع من واجب الدين يقضي بالتضحية واحتمال المشاق، وإذا تمت لنا وسائل التنقية من السموم المهلكة المنوطة بكم، وتمت لنا وسائل الإعداد لرجل الدين المنوطة برجال المعاهد الدينية فقد وجب من جانب ثالث على رجال التربية والتعليم الحكومي، أن يفسحوا المجال في معاهدهم لبث تعاليم الإسلام الصحيحة، مع الهيمنة الصادقة والإشراف الفعلي المثمر، وإذا كان كما يقولون لا بد لوازع القرآن من وازع السلطان، وهي كلمة حق وجب على الهيئات المنفذة أن تقف بالمرصاد لكل مَن شذ.
أو حاول أن يشذ، وبذلك نكون قد أخذنا على الفساد والتحلل جميع المسالك، وعندئذ يعظم أملنا في إحياء العمل بالإسلام، وتتحقق أُمنية الأخ الكريم، وهي أُمنية كل مؤمن بالله تعالي.