مقال

الدكروري يكتب عن الصحابي أنس بن الحارث 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصحابي أنس بن الحارث

 

بقلم محمد الدكروري

 

أنس بن الحارث الكاهلي الأسدي وهو من أصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أصحاب الحسين بن علي بن أبي طالب رضى الله عنهما، وقد شارك في غزوة بدر وغزوة حنين، وشارك في واقعة الطف وقتل بها، وهى معركة كربلاء وتسمى أيضا واقعة الطف وهي ملحمة وقعت على ثلاثة أيام وختمت في العاشر من شهر محرم سنة واحد وستين من الهجرة، والتى كانت بين الحسين بن علي بن أبي طالب ابن بنت النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أصبح المسلمون يطلقون عليه لقب سيد الشهداء، بعد انتهاء المعركة، ومعه أهل بيته وأصحابه، وبين جيش تابع ليزيد بن معاوية، وتعد واقعة الطف هى من أكثر المعارك جدلا في التاريخ الإسلامي، فقد كان لنتائج وتفاصيل المعركة آثار سياسية ونفسية وعقائدية لا تزال موضع جدل إلى الفترة المعاصرة، حيث تعد هذه المعركة هى أبرز حادثة من بين سلسلة من الوقائع التي كان لها دور محوري في صياغة طبيعة العلاقة بين السنة والشيعة عبر التاريخ وأصبحت معركة كربلاء وتفاصيلها الدقيقة رمزا للشيعة ومن أهم مرتكزاتهم الثقافية وأصبح يوم العاشر من شهر محرم أو يوم عاشوراء، وهو يوم وقوع المعركة، رمزا من قبل الشيعة لثورة المظلوم على الظالم ويوم انتصار الدم على السيف، ورغم قلة أهمية هذه المعركة من الناحية العسكرية حيث اعتبرها البعض من محاولة قام بها الإمام الحسين بن على، إلا أن هذه المعركة تركت آثارا سياسية وفكرية ودينية هامة، حيث أصبح شعار “يا لثأرات الحسين” عاملا مركزيا في تبلور الثقافة الشيعية وأصبحت المعركة وتفاصيلها ونتائجها تمثل قيمة روحانية ذات معاني كبيرة لدى الشيعة، الذين يعتبرون معركة كربلاء ثورة سياسية ضد الظلم بينما أصبح مدفن الحسـين في كربلاء مكانا مقدسا لدى الشيعة يزوره مؤمنوهم، مع ما يرافق ذلك من ترديد لأدعية، خاصة أثناء كل زيارة لقبره، وقد أدى مقتل الإمام الحسين إلى نشوء سلسلة من المؤلفات الدينية والخطب والوعظ والأدعية الخاصة التي لها علاقة بحادثة مقتله وألفت عشرات المؤلفات لوصف حادثة مقتله، ويعتبر الشيعة معركة كربلاء قصة تحمل معاني كثيرة كالتضحية والحق والحرية، وأما عن أنس بن الحارث، فهو أنس بن الحارث بن نبيه بن كاهل بن عمرو بن صعب بن أسد بن خزيمة الأسدي الكاهلي، وإن المتتبع لتاريخ الصحابة الكرام، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، الذين صحبوا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأطاعوه، أو الذين صحبوا الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، يجد الكثير منهم قد استمرت بهم الحياة إلى أن أدركوا إمامة أبنائهم رضوان الله تعالى عليهم، فوالوهم أيضا وأطاعوهم وامتثلوا لأوامرهم واعتقدوا بإمامتهم وكانوا لهم أعوانا وانصارا على الباطل، وذلك انطلاقا من قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة النساء “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم” وأيضا إلتزام بعضهم، بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، حين نصب الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، حين قال صلى الله عليه وسلم ” فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعادى من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله” ومن الأمثلة على هؤلاء الصحابة الكرام ومن الذين نصروا الإمام الحسين رضى الله عنه، في يوم كربلاء هو الصحابي الجليل أنس بن الحارث الكاهلى، وقد قال ابن منده عنه، عداده في أهل الكوفة، وقال البخارى، أنس بن الحارث قتل مع الحسين بن علي، وقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أنس بن الحارث رضى الله عنه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول”إن إبنى هذا، ويقصد الحسين، يقتل بأرض يقال لها كربلاء، فمن شهد ذلك منكم فلينصره” قال فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقتل بها مع الحسين” وكان أنس بن الحارث الكاهلي ممن صدّق ما روى، حيث شهد الإمام الحسين رضى الله عنه، في العراق فنصره، وقبل ذلك فقد شهد أنس بن الحارث بدرا وحُنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الصحابي الشهيد بكربلاء أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي الأسدي، وفد نص ابن حجر على صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، وعدّه من الكوفيين، ثم ذكر ابن حجر تشكيك البعض في كونه صحابيا، وأنه يروي هذا الخبر مرسلا عن أبيه، وقد ورد عن كثير استشهاده بكربلاء على الرغم من الحصار الذي فُرض على الكوفيين لئلا يغادر أحد منهم البلدة لنصرة الحسين بن على رضى الله عنه، ومع كل التهديد والوعيد الذي ملأ به الأمويون أسماع أهل الكوفة إن هم نصروا الحسين، فقد استطاع الصحابي أنس بن الحارث أن يصل إلى كربلاء بعزيمة راسخة وجنان ثابت، كيف لا وقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم كلامه السابق، فجاء إلى الحسين رضى الله عنه، عند نزوله كربلاء، والتقى معه ليلا، فكان ممن أدركتهم السعادة باللحاق بالركب الطيب، وقد روى أهل السير، أنه لما جاءت نوبته استأذن الحسين رضى الله عنه، في القتال فأذن له، وكان شيخا كبيرا، فبرز وهو يقول قد علمت كاهلها ودودان والخندفيون وقيس عيلان بأن قومي آفة للأقران وهو يقصد كاهل ودودان، وهما بطنان من أسد بن خزيمة، ثم قاتل رضى الله عنه، حتى قُتل، ولا شك في أن لهذا الصحابي الجليل أنس بن الحارث رضوان الله تعالى عليه، دورا بارزا في معركة طف كربلاء في نصرة الإمام الحسين رضى الله عنه، وقد تقلد بعض الأدوار في تلك المعركة من قبل الإمام الحسين رضى الله عنه، وذلك لشجاعته وقوة عقيدته وصلابة إيمانه وحبه وولائه للبيت النبوي الشريف، ومن الأدوار التي أوكلت إليه، هو إرساله من قبل الإمام الحسين رضى الله عنه، وكان ذلك ليوعظ عمر بن سعد، بعد أن وعظ الإمام الحسين رضى الله عنه، أعدائه، فرآهم الحسين رضى الله عنه، لا ينفع بهم الوعظ، وإن الشيطان أغرهم بالدنيا الدنية الزائلة، ورآهم الحسين رضى الله عنه، مصرين على مقاتلته، فرجع الحسين رضى الله عنه، إلى أصحابه وقال لهم قول الحق سبحانه وتعالى “اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19)

فأمر الحسين رضى الله عنه، الصحابي أنس الكاهلى أن يذهب إلى القوم ويعظهم مرة أخرى، عسى أَن يرجعوا، وقال الحسين رضى الله عنه ” أنا أعلم أَنهم لا يرجعوا ولكن تكون حجة عليهم ” فانطلق أنس فدخل على ابن سعد، ولم يُسلم عليه، فقال ابن سعد له، لِما لم تسلم عليّ ألست مسلما؟ فرد عليه أنس بن الحارث رضى الله عنه، فقال له، والله لست أنت مسلم، لأنك تريد أَن تقتل ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان هذا ردا قويا جعل من ابن سعد أن ينكس رأسه إذلالا، ويقول والله إنى لأعلم أَن قاتله في النار ولكن لابد من إنفاذ حكم عبيد الله بن زياد، فرجع أنس رضى الله عنه، إلى الإمام الحسين رضى الله عنه، وأخبره بذلك، وكان عندما نوى الإمام الحسين رضى الله عنه، الرحيل إلى العراق، فكان هذا الصحابى الجليل ملازما له، ومن أنصاره في الطف مع من أدركته السعادة، وكان شيخا كبيرا طاعنا في السن وقورا شجاعا، وعندما وصلوا إلى طف كربلاء وعند ملاقاة القوم لهم، طلب من الإمام الحسين رضى الله عنه، أن يأذن له في القتال وأن يجاهد بين يديه، فأذن له الحسين رضى الله عنه، فبرز رضوان الله عليه، وشد وسطه بعمامة، ثم دعا بعصابة عصب بها حاجبيه ورفعهما عن عينيه، وعند بروزه كان يقول،

قد علمت كاهلها ودودان * والخندفيون وقيس عيلان *بان قومي آفة للاقران* يا قوم كونوا كأسود خفان

واستقبلوا القوم بضرب الآن* آل علي شيعة الرحمن، وآل حرب شيعة الشيطان *

ويروى أن الإمام الحسين رضى الله عنه، ينظر إليه ويبكي ويقول ” شكر الله لك يا شيخ ” وهو يقاتل على كبر سنه قتال الأبطال لا يرهبه جيش بني أمية وقد أبلا بلاء حسنا، فقد روي أَنه قتل منهم ثمانية عشر رجلا، من جيش يزيد بن معاوية، ثم نال شرف الشهادة رضوان الله عليه، مع الإمام الحسين رضى الله عنه، ومع من أستشهد في معركة طف كربلاء، وسمت روحه الطاهرة إلى الرفيق الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء ” وحسن أولئك رفيقا ” وهكذا كان أنس بن الحارث، صحابيا كبيرا ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع حديثه، وكان فيما سمع منه وحدّث به ما رواه الكثير عنه، أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، والحسين بن على في حجره ” إن ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق ألا فمن شهده فلينصره ” وإنه كان أيضا من حواري الإمام الحسين رضى الله عنه، وكان أنس بن الحارث الكاهلي قد سمع مقالة الإمام الحسين لابن الحر، وكان قدم من الكوفة بمثل ما قدم به ابن الحر، فلما خرج من عند ابن الحر سلم على الحسين رضى الله عنه وقال له والله ما أخرجني من الكوفة إلا ما أخرج هذا من كراهة قتالك أو القتال معك، ولكن الله قذف في قلبي نصرتك وشجعني على المسير معك، فقال له الحسين رضى الله عنه “فاخرج معنا راشدا محفوظا” وهو من المجاهدين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث شهد بدرا، ومع أمير المؤمنين على بن أبى طالب حيث شهد حنين، ومضى شهيدا محتسبا مع سيد الشهداء في كربلاء، فقاتل قتال الأبطال حتى قتل على كبر سنه من جيش بنى أمية ثمانية عشر رجلا، ثم فاضت روحه الطاهرة الى بارئها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى