مقال

الدكروري يكتب عن الإنسان وفتن الدنيا ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإنسان وفتن الدنيا ” جزء 3″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

لأن الله عز و جل يقول فى سورة البقرة ” إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين” فإن الله يحب الطاهر، فإذا نظف الإنسان جسمه وبالغ في الاستحمام، تعطر وارتدى ثيابا نظيفة، تأنق فيها، واعتنى بها، فهذا من الدين، أليس عارا أن يكون الفاسق الفاجر الكافر أشد نظافة وأناقة من المؤمن؟ وأليس هذا عارا على المؤمنين، وأليس عارا أن يكون متجر الكافر مرتبا نظيفا منظما ومتجر الإنسان المسلم مضطربا فيه الفوضى والغبار أيليق هذا بالمسلم، فإن النظافة عامة، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم حث على نظافة الثياب ونظافة الأبدان ونظافة البيوت ونظافة الطرق وعني خاصة بنظافة الأسنان ونظافة الأيدي ونظافة الرأس وهناك أحاديث كثيرة فى ذلك، فإن الوضوء وطهارة البدن والثياب والمكان أول فريضة تعبدية شرطها النظافة، وهل تعجبون أن النظافة جعلها الله تعالى مفتاحا وشرطا لأول فريضة تعبدية في الإسلام وهي الصلاة.

 

فالصلاة عماد الدين شرطها الطهارة، وهو الوضوء، وطهارة البدن، وطهارة الثوب، وطهارة المكان، فهذه هي الصلاة، فهل تستطيع الصلاة على مكان نجس؟ وهل تستطيع الصلاة فى ثياب نجسة؟ فى بدن نجس؟ لا تستطيع، فإن الوضوء، وطهارة البدن، والثياب، والمكان، فهى أول فريضة تعبدية على الإطلاق، شرطها النظافة، فقد رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا شعثا قد تفرق شعره فقال ” أما كان يجد ما يسكن به شعره؟ ” ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة فقال” أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه؟ رواه أبو داود، وهكذا كان يتحدث النبى صلى الله عليه وسلم بلطف، وأنه أول انطباع للإنسان يكون عن الشكل ثم المنطق ثم المعاملة وذلك لأن أنت مؤمن، وأنت محسوب على المؤمنين، ومظنة إيمان عند أهلك، وعند أخوتك، وعند أصحابك، وعند جيرانك، وعند زملائك فى بلدك وهذا أيضا مسلم يحضر دروس علم.

 

فهذا الإنسان بالذات ينبغى أن يكون فى أعلى درجة من النظافة والأناقة، ونحن لا نقول أن تلبس ثيابا فخمة غالية أبدا، فيمكن أن ترتدى أرخص ثوب لكنه نظيف، ويمكن أن تختار ألوانا متناسبة، أيليق بإنسان يؤم الناس في المساجد أن يركب دراجة وحذاء بلا جوارب وبلا رباطات، ويرفع ثوبه مظهرا ملابسه الداخلية، وهل يليق بالإنسان هكذا أهكذا المؤمن؟ يقول لك درويش، ليس هذا هو الدين، فعن سهل بن الحنظلية قال رسول الله صلى الله عليه و سلم “أصلحوا رحالكم، وحسنوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامة بين الناس ” رواه أحمد، وإن الشخص إذا التقى بشخص آخر أول مرة يتفحصه من هيئته فقط، فإن أول انطباع الشكل، الأناقة، النظافة، الشعر، الثوب، الترتيب، أول انطباع، عندما يتكلم الإنسان ينسى الناس ثيابه وينتبهون لكلامه، وعندما يعاملهم ينسون كلامه، وهذا هو الشكل ثم المنطق ثم المعاملة، وقيل عن المعامله أنه يقال أتعرف فلان؟

 

قال نعم أعرفه، قال هل جاورته أو عاملته؟ قال لا، قال هل سافرت معه؟ قال لا، قال إذن أنت لا تعرفه، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لرجل ذات يوم ولا يضرك أنى لا أعرفك” وإن هناك نقطة مهمه وهى أنه على المسلم لا يصغر نفسه أبدا، فكلمة واحدة يصغر بها الإنسان، أو إلحاح يصغر فيه، أو يطمع بشيء ما فيسقط، فالطمع أذل رقاب الرجال، فقال له يا هذا لقد ضيعت من نفسك أكثر مما ضاع منك فاطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجرى بالمقادير، فلا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، فعن بن مسعود رضى الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ” رواه البيهقى، فنقول إياك أن تصغر نفسك أمام إنسان لا يعرف الله، فأحيانا الابتسامة الزائدة تضعف مركزك، وأحيانا الانحناء، ولم الانحناء؟ فأرفع رأسك، فكلمة الحق لا تقطع رزقا ولا تقرب أجلا، فالله عز وجل يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

 

فعن أبى الأحوص عن أبيه قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم، فى ثوب دون فقال ألك مال؟ قال نعم، قال من أى مال؟ قال قد أتانى الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق، قال فإذا أتاك الله مالا فليرى أثر نعمة الله عليك وكرامته” رواه أبو داود، فإذا كنت ميسور الحال، لم هذا المظهر الذى لا يليق بك؟ لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته عليك، وقيل أن للعوام مثل لطيف حيث يقول الذى لا يمتلك القديم لا يمتلك الجديد، وعن السيدة عائشة رضى الله عنها عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته، سوى ثوبي مهنته” رواه ابن حبان، بل إن القرآن الكريم يقول فى سورة الأعراف” قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق” وإن من هذه المحرمات هو تحريم الذهب و الحرير على الرجال وهكذا فإن هناك شيئان محرمان على الإنسان في موضوع الملبس والزينة، أولاهما التحلى بالذهب، وثانيهما لبس الحرير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى