الدكروري يكتب عن شفاء القرآن لمرض الشهوات بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، فهو صلى الله عليه وسلم الذي جمع الله سبحانه وتعالى فيه صلى الله عليه وسلم صفات الجمال والكمال البشري وتألقت روحه الطاهرة بعظيم الشمائل والخصال وكريم الصفات والأفعال حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد، وتملكت هيبته العدو والصديق وقد صوّر لنا هذه المشاعر الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه أبلغ تصوير حينما قال وأجمل منك لم ترَ قط عيني، وأكمل منك لم تلد النساء، خُلقت مبرّأً من كل عيب، كأنك قد خُلقت كما تشاء، فمن سمات الكمال التي تحلى بها صلى الله عليه وسلم خُلق الرحمة والرأفة بالغير، كيف لا ؟ وهو المبعوث رحمة للعالمين فقد وهبه الله قلبا رحيما، يرق للضعيف ويحن على المسكين.
ويعطف على الخلق أجمعين، حتى صارت الرحمة له سجية، فشملت الصغير والكبير، والقريب والبعيد والمؤمن والكافر فنال بذلك رحمة الله تعالى فالراحمون يرحمهم الرحمن، وقد تجلت رحمته صلى الله عليه وسلم في عدد من المظاهر والمواقف ومن تلك المواقف هو رحمته صلى الله عليه وسلم بالأطفال، حيث كان صلى الله عليه وسلم يعطف على الأطفال ويرق لهم حتى كان كالوالد لهم ، يقبلهم ويضمّهم ويلاعبهم ويحنّكهم بالتمر كما فعل بعبد الله بن الزبير عند ولادته رضي الله عنه، لما كانت طبيعة النساء الضعف وقلة التحمل، كانت العناية بهن أعظم والرفق بهن أكثر وقد تجلى ذلك في خلقه وسيرته على أكمل وجه فحث صلى الله عليه وسلم على رعاية البنات والإحسان إليهن، وكان يقول “من ولي من البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترا من النار”
بل إنه شدد في الوصية بحق الزوجة والاهتمام بشؤونها فقال صلى الله عليه وسلم ” ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة” وضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التلطف مع أهل بيته حتى إنه كان يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب البعير وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه، أما عن شفاء القرآن لمرض الشهوات، فذلك بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة، بالترغيب والترهيب، والتزهيد في الدنيا، والترغيب في الآخرة، والأمثال والقصص التي فيها أنواع العبر والاستبصار، فيرغب القلب السليم إذا أبصر ذلك فيما ينفعه في معاشه ومعاده.
ويرغب عما يضره، فيصير القلب محبّا للرشد مبغضا للغي، ويعود للفطرة التي فطره الله عليها، كما يعود البدن المريض إلى صحته، وإن نجاسة الفواحش والمعاصي في القلب بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن، وبمنزلة الخبث في الذهب والفضة، فكما أن البدن إذا استفرغ من الأخلاط الرديئة، تخلصت القوة الطبيعية منها فاستراحت، فعملت عملها بلا معوّق ولا ممانع فنما البدن، فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة، فقد استفرغ من تخليطه، فتخلصت قوة القلب وإرادته للخير، فاستراح من تلك الجواذب الفاسدة، والمواد الرديئة فزكا القلب ونما، وقوي واشتد.