مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الشوكاني ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الشوكاني ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن التاسع، وٳرشاد الفحول إلى إلى تحقيق الحق من علم الاصول، وابطال دعوى الإجماع في تحرم مطلق السماع، وشرح الصدور بتحريم رفع القبور، وإرشاد الثقات إلى إتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات، وتحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين، ورفع الباس عن حديث النفس والهم والوسواس، والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، والسيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، والأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية، وإرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي، والفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني، وبلوغ المنى في حكم الاستمناء، والدراري المضية شرح الدرر البهية، والقول الجلي في حكم لبس النساء للحلي، ورفع الالتباس لفوائد حديث ابن عباس، ورسالة في حكم التصوير، ودر السحابة في مناقب القرابة والصحابة.

 

والدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، ووبل الغمام على شفاء الأوام، والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، والدواء العاجل في دفع العدو الصائل، ووبل الغمام على شفاء الأوام، وأدب الطلب ومنتهى الأرب، والقول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد، والسلوك الإسلامي القويم، والتحف في مذاهب السلف، والبحث المسفر عن تحريم كل مسكر ومفتر، والدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، وقد جمع الإمام الشوكاني من العلوم الكثير، وأحاط بالمعقول منها والمنقول، وبرز في شتى المعارف، وأضاف إليها الكثير، بالنظر الثاقب، والفكر المستنير، وألف العديد من الكتب، لذلك كان لا بد وأن يتخرج على يديه الكثيرون واستفاد منه العامة والخاصة وكان من أشهر تلاميذه هو ابنه أحمد بن محمد بن علي الشوكاني والذي ولد سنة ألف ومائتان وتسع وعشرين من الهجرة، وانتفع بعلم والده وبمؤلفاته.

 

حتى حاز من العلوم السهم الوافر، وانتفع به عدة من الأكابر، تولى القضاء بمدينة صنعاء وله مؤلفات وكان من أكابر علماء اليمن بعد والده وتوفي سنة ألف ومائتان وواحد وثمانين من الهجرة، ومن تلاميذة أيضا هو محمد بن أحمد السودي، وقد لازم الإمام الشوكاني من بداية طلبه للعلم، حتى مدحه الشوكاني بقوله أعز المعالي أنت للدهر زينة وأنت على رغم الحواسد ماجده، وأيضا محمد بن أحمد مشحم الصعدي الصنعاني، وتولى القضاء في صنعاء وغيرها، وأثنى عليه الشوكاني كثيرا، وأيضا أحمد بن علي بن محسن، وهو ابن الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، واشتغل بطلب العلم، بعد أن قارب الخمسين، ولازم الإمام الشوكاني نحو عشر سنين وأيضا محمد بن محمد بن هاشم بن يحيى الشامي، ثم الصنعاني، وأيضا عبد الرحمن بن أحمد البهكلي الضمدي الصبيائي، وتلقى على الشوكاني وغيره.

 

ولكنه كان من أوفى تلاميذ الشوكاني ومن الملازمين له، وأيضا أحمد بن عبد الله الضمدي، وأخذ عن الإمام الشوكاني وغيره، ولكن صلته بالشوكاني كانت أكثر، حتى صار المرجع إليه في التدريس والإفتاء في ضمد وما حولها، وله أسئلة عديدة إلى شيخه الشوكاني أجاب له عنها في رسالة سماها العقد المنضد في جيد مسائل علامة ضمد، وأيضا علي بن أحمد بن هاجر الصنعاني، وتبحر في العلوم النقلية والعقلية، درس على الشوكاني علم المنطق وغيره، وقال عنه الشوكاني بالنسبة لعلم المنطق هو يفهمه فهما بديعا، ويتقنه إتقانا عجيبا، قل أن يوجد نظيره مع صلابة الدين، وكان الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى مبرزا في علوم كثيرة، سيما علوم السنة والتفسير والفقه فروعه وأصوله، مؤرخ، له شعر حسن، وقد كرس حياته في سبيل الدفاع عن هذا الدين، وإزالة ما علق به من شوائب التقليد، والتعصب، والجمود وغيرها.

 

وتصدر الشوكاني للتدريس في جامع صنعاء، وأقبل عليه طلبة العلم من كل مكان ينهلون من معارفه الواسعة، وفيهم من كان من شيوخه، وتولى رحمه الله تعالى القضاء الأكبر للإمام المنصور في شهر رجب سنة ألف ومائتان وتسعة من الهجرة، خلفا للقاضي يحيى بن صالح السحولي على غير رغبة منه، ثم تولى لابنه المتوكل أحمد، فابنه المهدي عبد الله، ويقول الشوكاني عن نفسه “وابتلى بالقضاء في مدينة صنعاء بعد موت من كان متوليا للقضاء، وكان دخوله في القضاء وهو ما بين الثلاثين والأربعين” وكان جريئا في قول الحق، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، لا يخشى في الله لومة لائم، وأنكر على الهادوية اعتمادهم أقوال أئمتهم وجمودهم على التقليد، فكتب كتابه “القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد” كما قام الشوكاني بالدعوة إلى الإصلاح وجوانب ذلك دعوته إلى الاجتهاد ونبذ التقليد.

 

ودعوته إلى العقيدة السلفية، وتطهير العقيدة وتنقيتها من مظاهر الشرك، ولقد ذهب الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى إلى أن ترك الاجتهاد من القادر عليه كفر وشرك، لأنه تعطيل لكتاب الله تعالى وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإحلال لقول صاحب المذهب محلهما والإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في هذا يعبّر عن الروح الاجتهادية لدى الأئمة السابقين، وإن كان قد تشدد في الحكم على المقلد القادر على الاجتهاد بالشرك فمثلا، نرى الإمام الغزالي يوجب الاجتهاد على القادرين عليه دون أن يُدينه بالشرك أو الكفر، إذا أصرّ على التقليد، لأن الذي وصل إلى درجة الاجتهاد غير عاجز، فلا يكون في معنى العاجز، فينبغي أن يطلب الحق بنفسه، فإنه يجوز الخطأ على العالِم بوضع الاجتهاد في غير محله، كما أنه يجوز على المجتهد أيضا الذي نقلده أن يبادر بالحكم قبل استتمام الاجتهاد.

 

والغفلة عن دليل قاطع، والعالم المقلد قادر على معرفة ما يعرفه إمامه الذي يقلده، ومن الممكن أن يتوصل بنفسه إلى ما يريده، إما إلى درجة اليقين، وإما إلى الظن، فكيف يبني الأمر على عماية كالعميان، وهو بصير بنفسه؟ ويحمل على هؤلاء المقلدين الذين يبلغ بهم التعصب لإمامهم أن يعتقدوا فيه العصمة عن الخطأ في الأحكام، مع أن المجتهدين أنفسهم لا يدعون العصمة أو يعدون الحق وقفا عليهم، وتوفي الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى ليلة الأربعاء السابع والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ألف ومائتان وخمسين من الهجرة، وقيل وخمس وخمسين، وهو الموافق ألف وثماني مائة وأربع وثلاثين ميلادي، بصنعاء، عن عمر ست وسبعين سنة وسبعة أشهر، وصُلي عليه بالجامع الكبير بصنعاء رحمه الله تعالى، وتم دفنه بمقبرة خزيمة المشهورة بصنعاء، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجزاه عنا كل خير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى