
الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 13″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ونكمل الجزء الثالث عشر مع الإمام إبن حجر العسقلاني، وقد ألف علي بن عبد العزيز الشبل كتاب “التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري لابن حجر” وذكرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في فتوى لها أنه من كبار علماء المسلمين لكنه أخطأ فيما تأوله من النصوص، وقد أثنى على الحافظ بن حجر أشياخه، ومعاصروه من أقرانه، وتلامذته، والأئمة الكبار من بعده ومن ذلك ما قاله شيخه الحافظ العراقي، الشيخ العالم والكامل الفاضل، الإمام المحدث، المفيد المجيد الحافظ المتقن، الضابط، الثقة المأمون، شهاب الدين أحمد أبو الفضل، إلى أن قال فجمع الرواة والشيوخ، وميز بين الناسخ والمنسوخ، وجمع الموافقات والأبدال، وميز بين الثقات والضعفاء من الرجال، وأفرط بجده الحثيث، حتى انخرط في سلك أهل الحديث، وحصل في الزمن اليسير على علم غزير.
وكما قال تلميذه السخاوي في الجواهر والدرر، فأما ثناء الأئمة عليه فاعلم أن حصر ذلك لا يستطاع وهو في مجموعه كلمة إجماع، وقال في الضوء اللامع، شهد له القدماء بالحفظ والثقة والأمانة والمعرفة التامة والذهن الوقاد والذكاء المفرط وسعة العلم في فنون شتى وشهد له شيخه العراقي بأنه أعلم أصحابه في الحديث، وقال أيضا في الضوء اللامع شيخي الأستاذ إمام الأئمة، وقال الحافظ السيوطي يأنه فريد زمانه، وحامل لواء السّنة في أوانه، ذهبي هذا العصر ونضاره، وجوهره الذي ثبت به على كثير من الاعصار فخاره، أمام هذا الفن للمقتدين، ومقدم عساكر المحدثين، وعمدة الوجود في التوعية والتصحيح، وأعظم الشهود والحكام في بابي التعديل والتجريح، وقال السيوطي أيضا في طبقات الحفاظ هو شيخ الإسلام وإمام الحفاظ في زمانه وحافظ الديار المصرية وحافظ الدنيا مطلقا.
قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل، وقال الإمام الشوكاني في البدر الطالع هو الحافظ الكبير الشهير الإمام المنفرد بمعرفة الحديث، وعلله في الأزمنة المتأخرة، وقال أيضا وتصدى لنشر الحديث، وقصر نفسه عليه مطالعة وإقراء وتصنيفا، وتفرد بذلك وشهد له بالحفظ والإتقان القريب والبعيد والعدو والصديق حتى صار إطلاق لفظ الحافظ عليه كلمة إجماع ورحل الطلبة إليه من الأقطار، وطارت مؤلفاته في حياته، وانتشرت في البلاد، وتكاتبت الملوك من قطر إلى قطر في شأنها، وقال عنه برهان الدين الأبناسي الشيخ الإمام العلامة، المحدث المتقن المحقق الشيخ شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن الشيخ الإمام العالم صدر المدرسين، مفتي المسلمين أبي الحسن علي الشهير بابن حجر، وقال أبو زرعة العراقي تعليقا على بعض تخاريج ابن حجر، وقفت على هذا التخريج الذي لا مثل له.
ووقفت عند ما تضمنه من المحاسن المُجملة والمفصلة، واعترفت بأنه المجموع الجامع للفوائد، والبحر الحاوي للفرائد، وقضيت العجب مما حواه، لما أمعنت النظر فيما رواه، وكيف لا يكون بهذه الأوصاف الزاهرة، وهو صادر عن صاحب الفضائل الباهرة، الشيخ الإمام، والسيد الهمام، ذي الأوصاف الحميدة، والمناقب العديدة، جمال المحدثين، مفيد الطالبين، شهاب الدين أبي الفضل، أفاض الله عليه من فضله، وجمع له بين وابل الخير وطله، فما هي إلا فوائد تضبط، وما هو إلا مفيد يغبط، فلقد ظهرت بهذا التخريج فوائده الجمة، لما أبدى فيه من الفوائد المهمة، ولقد سلك طريق السلف الماضين، والأئمة المتقدمين، فيا حُسن ما انتقى، ويا علو ما ارتقى، ولقد حل هذا الشهاب محل الشهب الثواقب، وصار فضله في الخافقين مسير الكواكب، فكم له محاسن لا تنكر، وفضائل لا شاذ فيها ولا منكر.
وقال سبط بن العجمي عن ابن حجر وهذا الرجل في غايه ما يكون من استحضار الرجال والكلام فيهم، وله مؤلفات كثيره في تراجمهم، وله كتاب “لسان الميزان” كتاب حسن، فيه فوائد، وله “شرح على البخاري” لم يكمله، نظرت فيه بعض نظر، وله أخلاق حسنة، ونوادر، وسكون، ويستحضر أشياء حسنة مليحة، وأما الحديث، فله معرفة تامة برجاله المتقدمين والمتأخرين بتراجمهم وهو جملة حسنة، لا أستحضر أني رأيت مثله في معرفة رجاله المتقدم والمتأخر، وكتب تقي الدين أبو بكر الدجوي على بعض تخاريج الحافظ ابن حجر ما صورته، فقد وقفت على هذا التخريج البديع مثالا، المنيع منالا، الفائق حسنا وجمالا، فلم يدع لقائل مقالا، إلا أن يقول هكذا هكذا وإلا فلا لا، فلقد أوتي هذا بسطة في العلم واللسن، وكيف لا؟ وهو الإمام ابن الإمام أبو الفضل بن أبي الحسن.