أخبار عربية

ضربات الفجر …. بين الدخان والحقيقة

جريدة الأضواء المصرية

هنا نابل / الجمهورية التونسية
✍️ بقلم: المعز غني

■ ضربات الفجر …. بين الدخان والحقيقة ■

في فجر الجمعة، أهتزّ ليل المنطقة على وقع الضربة الإيرانية المفاجئة ضد الكيان الصهيوني … أخبار عاجلة تتلاحق ، عناوين حمراء تصرخ ، ومنصاتٌ تضجُّ بصور الدمار والدخان ، وكأنّنا نعيش على بعد شبر من يوم القيامة.

لكن وسط هذا الضجيج ، تهمس في داخلي فكرة لا تموت :هل حقًا نحن أمام مواجهة حقيقية؟ أم أنّنا شهود على فصل جديد من مسرحية مُتقنة الإخراج؟
لا أزعم إمتلاك الحقيقة المطلقة ، ولكن هناك تفاصيل صامتة حين تُربَط خيوطها ، ترسم لوحة مُريبة توحي بأن ما يجري ليس كما يبدو.

▪︎ – أولًا: إيران… الشرطي الأمين في الخليج
لأكثر من أربعة عقود ، تصدح إيران بشعارات ” الموت لأمريكا ”
و” سحق إسرائيل “، بينما في الخفاء ، تتقاطع مصالحها مع واشنطن بشكل يصعب إنكاره.
إيران ، ورغم الخطاب العدائي هي شرطي الخليج غير المعلن ، والحارس الأمين على إستمرارية النزيف المالي الخليجي نحو واشنطن.

كل صاروخ يُطلق من طهران ، يقابله عقد تسليح جديد في الرياض أو أبوظبي.
كل تهديد ” ثوري “، يقابله وفد دبلوماسي أمريكي يعقد صفقات الحماية والدرع الصاروخي.

▪︎ – ثانيًا: طهران … الحضن الدافئ لليهود
في الوقت الذي تُمنَع فيه الطوائف السنيّة من بناء مسجد واحد في العاصمة الإيرانية ، نجد أن لليهود هناك أربع معابد (كنيس) مفتوحة وتحظى بالحماية الرسمية.
هل يُعقل أن تُهدِّد إيران بإبادة الكيان الصهيوني ، بينما هي تحتضن أكبر جالية يهودية في الشرق الأوسط خارج إسرائيل؟
أي مفارقة هذه؟
هل العدو يُكرّم في الداخل ويُلعن على المنابر؟

▪︎ – ثالثًا: إستثمارات سرّية … وودٌ في الخفاء
في تقارير نادرة – لكنها حقيقية – تذكر أن الكيان الصهيوني هو أحد أكبر المستثمرين في الداخل الإيراني ، وأن إستثماراته تفوق 20 مليار دولار عبر شبكات إقتصادية وسيطة.
كيف نفهم هذا؟
كيف يجتمع الدمار والإستثمار لاستثمار ، الصاروخ والسهم المالي الحرب والتحالف؟

إذًا… من يخدع من؟
إنّ ما يجري أمام أعيننا لا يشبه حربًا ، بل يشبه لعبة شطرنج قذرة يُضحّى فيها بشعوب المنطقة كبيادق ، بينما الملوك والوزراء يتحرّكون وفق مصالحهم العليا بعيدًا عن الدم والركام.
يُراد لنا أن نصدق أن إيران هي قلعة المقاومة ، والكيان الصهيوني هو العدو الأوحد ، لكن في الكواليس تجلس طهران وتل أبيب وواشنطن على نفس الطاولة ، يختلفون في الصورة ويتقاطعون في المصالح.
نحن فقط مَن يُطلب منهم التصفيق ، الهتاف ، والنزول إلى الشوارع حاملين شعارات لا معنى لها …
نحن فقط مَن يُدفن أبناؤهم تحت الأنقاض ، أو يُغرَّر بهم في معارك لا تشبه قضايانا.

في الختام …
الضربة الإيرانية قد تكون حقيقية في ظاهرها ، لكنها تخدم أطرافًا متعددة في باطنها:
– تلميع وجه نظام داخلي بدأ ينهار إقتصاديًا.
– تبرير مزيد من صفقات السلاح.
– إشعال المنطقة لإطالة عمر التحالفات المزيّفة.
– صرف الأنظار عن جراح غزة ، وعن جريمة المستوطنات.
إنّ أخطر الحروب ليست تلك التي تُخاض بالصواريخ ، بل تلك التي تُخاض بالعقول المُخدوعة.
فلا تجعلوا من دخان المعركة سُترةً لحقيقةٍ أكبر …
الضحية دائمًا هو الإنسان العربي … سواء كان في طهران، أو حيفا، أو غزة ، أو دمشق ، أو إيران أو ليبيا … إلخ .

——

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى