شهر العسل بين نتنياهو وترامب هل إنتهي؟
لواء دكتور سمير فرج متابعة عادل شلبي
السياسة هي لعبة مصالح؛ فإذا كانت مصلحة الدولة تتجه إلى اليمين، فإن سياسة الدولة ستتجه إلى اليمين أيضًا، وهذا ما شهدناه في الأيام الماضية. فقد أعلنت الولايات المتحدة فجأة عن اتفاق مع الحوثيين، يقضي بوقف الهجمات المتبادلة بين الطرفين حيث ستتوقف أمريكا عن ضرباتها الجوية، مقابل أن يوقف الحوثيون هجماتهم على السفن الأمريكية والأوروبية في البحر الأحمر.
المفاجأة الكبرى كانت أن أمريكا لم تأخذ مشورة اسرائيل في هذا الاتفاق، رغم أنها كانت طرفًا أساسيًا في العمليات العسكرية في البحر الأحمر. الأدهى من ذلك أن إسرائيل علمت بالاتفاق من وسائل الإعلام وهذا اغضب اسرائيل كثيرا. وقد صرّح السفير الأمريكي في تل أبيب بأن الولايات المتحدة ليست مضطرة للحصول على إذن من إسرائيل لاتخاذ مثل هذا القرار.
ولقد ظهرت بوادر توتر العلاقات أو انتهاء فترة شهر العسل بين نتنياهو وترامب عندما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر مقربة من ترامب أن أمريكا أبلغت وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، بأن الرئيس الأمريكي قرر في زيارته الي الشرق الاوسط عدم زيارة اسرائيل.
وقد جاء هذا الاتفاق بين أمريكا والحوثيين بناءً على تقارير من البنتاجون تم تقديمه الى الرئيس الأمريكي ترامب تفيد بقدرات الحوثيين العالية في استخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ. ومن أبرز الأمثلة على ذلك: إصابة طائرة أمريكية من طراز F-18، وحدوث أضرار طفيفة في حاملة الطائرات “ترومان”. وتأتي هذه القدرات الحوثية نتيجة وجود خبراء إيرانيين في اليمن، وهو ما لم يحدث في جنوب لبنان خوفًا من رد فعل إسرائيلي مباشر باختطاف هؤلاء الخبراء وتصبح ايران في وضع سيء.
حيث نجح الحوثيون في إطلاق صواريخ وصلت إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، مما أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار، وهذا شكل ضربة قوية لإسرائيل، التي فشلت بعد عام ونصف من الحرب في تأمين شعبها ورغم وجود ثلاث انظمة اسرائيلية مضادة للصواريخ هي القبة الحديدية ومقلاع داوود وأرو علاوة على احدث نظام امريكي ثاد موجود في اسرائيل كل هذا لم يجعلها تكتشف او تتصدى لهذه الهجمات مما ادى الى غضب وتظاهرات بين الشعب الاسرائيلي ضذ حكومته .
وأصبح الآن على اسرائيل، بعد انسحاب الولايات المتحدة من قتال الحوثيين، أن تقاتل الحوثيين منفردة، بعد أن كانت قطع البحرية الأمريكية والتحالف تتعرض لصواريخ ومسيّرات الحوثيين في البحر الأحمر قبل وصولها لإسرائيل لدرجة أن إسرائيل قامت يوم الأحد بغارات ضد المواقع البحرية في اليمن، لإرسال رسالة بأنها لا تهتم بانسحاب الولايات المتحدة من القتال.
النقطة الثانية في الخلاف الأمريكي–الإسرائيلي تتعلق بملف إيران النووي؛ فبينما ترى إسرائيل ضرورة توجيه ضربة عسكرية أمريكية–إسرائيلية مشتركة لتدمير المفاعلات النووية الإيرانية، بينما ترفض الولايات المتحدة هذا الخيار، خشية تصعيد يهدد استقرار الخليج العربي، خاصة أن إيران تسيطر على مضيقي هرمز وباب المندب، ما قد يؤثر بشكل مباشر على التجارة العالمية خاصة ان النفط في منطقة الخليج يمثل 20% من حجم تجارة النفط العالمي.
إضافة إلى ذلك، تجاهل نتنياهو دعوة الرئيس الأمريكي بضرورة إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، مما دفع الصحف الأمريكية إلى الإشارة إلى أن صبر الإدارة الأمريكية وترمب تجاه رئيس وزراء إسرائيل بدأ ينفد.
ويرى محللون في مركز هدسون أن الخلافات بين الجانبين، وإن لم تُعلن رسميًا، إلا أنها باتت واضحة، إذ أصبح ترامب يضع مصلحة أمريكا في المقام الأول، ومصلحة إسرائيل في مرتبة لاحقة وهو امر لم يحدث من قبل ولم يكن احد يتوقعه. ووصل الأمر إلى بعض المحللين إلى احتمال ترمب بإعلان اعتراف بالدولة الفلسطينية.
ويأتي الخوف من ذلك في إسرائيل، مع الأخبار التي تؤكد احتمال قيام الرئيس ترامب بإعلان خطة وقف إطلاق النار في غزة فور وصوله إلى الشرق الأوسط، يعلن فيها انسحاب إسرائيل من غزة، وتسليم الرهائن بالكامل دفعة واحدة.
خاصة بعد قيام حماس بتقديم عربون صداقة إلى أمريكة بتسليم الرهينة الأمريكية، الموجودة لدى حماس، خاصة أن ذلك التسليم جاء دون رغبة إسرائيل، بل أعلن رئيس الوزراء نتنياهو أنه لن يفرج عن أي أسرى الفلسطنيين في سبيل الرهينة الأمريكية.
كل تلك الأمور ترعب إسرائيل الآن، حيث يرى المراقبون أن ترامب بدأ يضع مصلحة أمريكا ومصلحته هو شخصيًا في أن يحقق السلام في الشرق الأوسط، بعد نجاحه منذ عدة أيام فقط في إيقاف القتال بين الهند وباكستان، وبعدها يدخل هذا الاسبوع في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، بعدها ينطلق الى اوروبا لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا خاصة انه طلب من روسيا واوكرانيا الاجتماع في نهاية الاسبوع في تركيا لبحث وقف اطلاق النار وتحقيق السلام.
وكل هذه التطورات تمهد الطريق أمام ترامب للحصول على جائزة نوبل في نهاية العام، فلو نجح في إنهاء الحرب الأولى بين روسيا وأوكرانيا، والثانية في غزة، والثالثة بين الهند وباكستان، فإنه بذلك يكون قد أنهى أكثر الحروب تأثيرًا في العصر الحديث، وأسهم في تحقيق السلام العالمي. ومن هذا المنطلق، يرى ترامب أنه الأجدر بالحصول على الجائزة، باعتباره الوحيد الذي استطاع إيقاف ثلاث حروب كبيرة، ولهذا، تعيش إسرائيل الآن حالة من الرعب والقلق، بينما يترقب الجميع زيارته المرتقبة إلى منطقة الخليج.
ومن هنا يتساءل العالم: هل انتهى شهر العسل بين نتنياهو وترامب؟ وهل سيؤثر ذلك على أي تحرك أمريكي لحل أزمة الشرق الأوسط في المرحلة القادمة؟