الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد اعلموا يرحمكم الله أنه ما أوتي عبد من نعمة هى أعظم من نعمة الإسلام، وما أوتي مسلم من نعمة هى أعظم من نعمة أن يمنّ الله تعالي عليه بنعمة القرآن الكريم، وأي نعمة وفضل وكرم أعظم من أن يهبك الله عز وجل نعمة القرآن حفظا وفهما وعملا؟ ولكن الفوز العظيم والكبير، في الدنيا والآخرة، يكمن حين يثبّت الله تعالي عبده على فهم كتاب الله، فهما صحيحا، فهما يليق بكتاب الله، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ينير الله سبحانه وتعالى للعبد بصيرته فلا يضل ولا يزيغ عن الحق، لأن الخسران المبين في الدنيا والآخرة.
حين يصل الإنسان بعلمه فيضل ويضل، وما أروع قوله تعالى كما جاء في سورة الجاثية ” أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله علي علم وختم علي سمعه وقلبه وجعل علي بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ” ولعل هذا الصنف من الناس هو المعنى بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتي إذا رُئيت بهجته عليه وكان ردئا للإسلام غيّره إلى ما شاء الله فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره ” فيا أيها المسلمون إنه لبلاء عظيم حين يفهم البعض نصوص القرآن الكريم تبعا لأهوائهم ولأغراضهم، التي يسعون ويبغون من خلالها، ومن ورائها تحقيق بطولات دنيوية، وهي بلا شك بطولات زائفة، بل هي في الحقيقة أوهن من بيت العنكبوت، وإلى هؤلاء جميعا الذين يتركون المنهج العلمي الصحيح في فهم كتاب الله تعالي.
ويسيرون وراء أهوائهم، لهؤلاء جميعا، نقول لهم اعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لمّا جئت به” وشداد بن أوس أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله ” وعن أبى ثعلبة الخشنى قال في هذه الآية الكريمه ” عليكم أنفسكم ” قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ” ائتمروا بالمعروف، وانتهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحّا مطاعا وهوى متّبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أياما، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ” وإن محاولة البعض تشكيك الناس في معتقداتهم، وإثارة الفتن.
ومحاولة الترويج لشبهات تصطدم بثوابت ديننا العظيم، وبالقيم والأخلاق التي تربينا ونشأنا عليها، لهو عمل لا يرضى الله سبحانه وتعالى، ولا يصلح أمما، فعمل هؤلاء غير مأجور، وسعيهم غير مشكور، وكيدهم مكشوف غير مستور، ولكن اصنعوا ما شئتم، فهناك يوم النشور، ولكننا بفضل الله سبحانه وتعالى، ننعم فى مصرنا الحبيبة بعلماء أجلاء فضلاء يتصدون لمثل هذه الشبهات، بالبراهين الساطعة والأدلة القاطعة، التي لا يستطيع الباطل فيها أن يصمد أمام الحق، فسيظل القرآن الكريم بكل أحكامه وتشريعاته لا يستطيع أحد أن يحرّف أو أن يبّدل أو أن يغيّر، ما استقر فى وجدان الأمة من خلال القرآن الكريم، وهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فعلى سبيل المثال، الحجاب فرض كما قال الله تعالى في سورة النور ” وليضربن بخمرهن علي جيوبهن ”
وهو أمر ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وسيظل كذلك المعروف معروفا والمنكر منكرا، رغم كل المحاولات التي يريد البعض من ورائها أن يلبسوا الحق لباس الباطل، والباطل لباس الحق، ولكن هيهات هيهات لأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنساق لمثل هذه