مقال

طوبى لمن كانت شهوته تبعا لعقله

جريدة الأضواء المصرية

طوبى لمن كانت شهوته تبعا لعقله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 14 ديسمبر 2024
الحمد لله جعل العلم نورا للعباد، ورفعة لأهله وحملته في الحياة الدنيا وفي يوم المعاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزه عن الشركاء والنظراء والأنداد، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى الحق والهدى والسداد، الناهي عن الشر والضلال والفساد صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الخيار الأمجاد أما بعد أيها المؤمنون اتقوا الله تعالى فإن تقوى الله جل وعلا خير زاد، وتقوى الله تعالي عمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله، وترك لمعصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله تعالي، وطوبى لمن كانت أفكاره حائمة حول ما يحبه الله، دائرة حول ما ينفع عباد الله، الإخلاص لله في كل الأمور شعاره، والإحسان المتنوع على الخلق دثاره، وطوبى لمن كانت شهوته تبعا لعقله.

فآثر النافع وفاز بالسعادتين، وويل لمن غلبت شهوته عقله، فإختار الرذائل فخسر الدنيا والدين، ومن ترك ما تهواه نفسه لله لم يجد فقده، وعوّضه الله تعالي الإيمان والثواب، ومن تبع هواه، وأعرض عما يحبه مولاه، إبتلاه بالهموم وأنواع الأوصاب، سبحان من فاوت بين عباده بالعقول والهمم والأعمال، وباين بينهم في صفات النقص والكمال، وقسم بينهم الأخلاق كما قسم بينهم الأرزاق، فتبارك الله الواحد الملك الخلاق، فيا أيها الناس جميل جدا أن يتحدث المرء المسلم بنعم الله تعالي عليه، وبآلائه التي أسبغها على عباده ظاهرة وباطنة، فيقول الله سبحانه وتعالى ” وأما بنعمة ربك فحدث ” ومما لا شك فيه أن نعم الله علينا تترى، بل كل النعم هي منه وحده تعالي لا يشركه معه غيره ” وما بكم من نعمة فمن الله “

وقد لا تختلف أفهامنا جميعا على أن من أعظم النعم التي أكرمنا الله عز وجل بها نعمة العقل، العقل الذي وهبنا الله تعالي إياه لنمتاز به عن الحيوان الأعجم والصخر الصلب، فبالعقل يشرف الإنسان، وبالعقل يكلف المرء، وبه يعرف خالقه جل شأنه، ذلكم العقل الذي يميز به بين الخير والشر والهدى والضلالة، إذا إستعمله الإنسان كان سببا في سلوك طريق الهدى، والبعد عن موارد الردى، العقل الذي يعد من أكبر الطاقات البشرية طرى، إنه لنعمة عظمى وسمة جلى إمتن الله تعالي بها علينا فقال الله تعالي ” قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ” فإنه لا يعلم قدر العقل إلا من وهبه، وإلا كان هو والعير في الفلاة سواء، ومن تأمل حكمة الله جل وعلا في أن يكون الطفل الوليد بلا عقل إكتسابي.

لأدرك أثر هذه النعمة عليه، حينما يوهب شيئا بعدما منع منه، ليكون الإحساس به أشد وقعا، وأجدى نفعا فيقول الله تعالي ” والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والافئدة لعلكم تشكرون ” ويقول ابن القيم رحمه الله تعالي لو ولدت أيها الإنسان عاقلا كحالك في كبرك لتنغصت عليك حياتك أعظم تنغيص لأنك ترى نفسك محمولا رضيعا، عاجزا مسجونا في المهد، أو كنت ممن ابتلي بفقد والديه، فكنت كالواله الحيران، ولكنها محض الحكمة والرحمة بك والتدبير، نسأل الله العظيم أن يصلح أحوالنا وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى