المراهقة قفزة قوية من عالم الطفولة بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الثلاثاء الموافق 8 أكتوبر 2024 الحمد لله إقرارا بوحدانيته، والشكر له على سوابغ نعمته، اختص بها أهل الصدق والإيمان بصدق معاملته، ومن على العاصي بقبول توبته، ومد للمسلم عملا صالحا بوصيته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المفضل على جميع بريته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن من أسماء الله الحسنى هو الولي وهذا الاسم ورد مطلقا معرفا ومعنى مطلق كأن تقول قلم أي قلم، أما إذا قلت قلم المعلم ، أضفت القلم إلى المعلم، أي قيدته بالمعلم، فإذا جاء الاسم مضافا فهو مقيد وإذا جاء غير مضاف فهو مطلق، ورود اسم الولي في القرآن الكريم مطلقا معرفا ومقيدا، وعلى المؤمن أن يتعامل مع المؤمن بالولاء ومع الآخر ولو كان قريبا بالواجب.
وكما في صحيح البخاري من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جهارا غير سر إن آل أبي ليسوا بأوليائي، إِنما وليي الله وصالح المؤمنين ولكن لها رحم أبلها ببلالها ” أي أوصلها بصلتها التي أمرت بها، فهو كلام دقيق، فأنت يا مؤمن من توالي ومن تحب ومن تعاشر ومع من تتعاون ومع من تعمل ؟ فإنه مع المؤمنين، لكن لك أب قد يكون هذا الأب ليس كما ينبغي، فالله أمرك أن تبره وأن تحسن إليه وأن تصله، وهذا هو الولاء وهو شيء والواجب شيء آخر، ويعني أنا ولائي ومحبتي وإخلاصي وتعاوني مع المؤمنين، فأنت لا ترتاح إلا مع المؤمن لأنه صادق ولأنه متواضع ولأنه منصف ولأنه رحيم ولأنه متعاون وتتعامل مع المؤمن بالولاء ووتتعامل مع الآخر ولو كان قريبا بالواجب.
واعلموا يرحمكم الله بأن المراهقة هي قفزة قوية من عالم الطفولة إلى ما بعده والمراهق يرهق من حوله في فهم الطريقة التي يتعاملون بها معه قبل أن يرهق نفسه في إدراك ما يصبو إليه وبالفعل قد يرهقك هذا الصغير ذو الفكر المتعنت سواء كان تلميذا في ثانوية أو في إعدادية، فإن أنت وبخـته ولمته وعاتبته أو ضربته ازداد في بعض الأحيان تمنعا وعصيانا وإنسياقا وراء شهواته وأهوائه ووراء أحضان السوء التي تتلقفه خارج المنزل والمدرسة، وإن أنت كلمته بالعقل والسياسة والهدوء وكلمت فيه الإنسان الواعي والناضج قد يسكت وقد يطرق في سكون مثير للشك لأنه لا يوحي بالرفض ولا بالإيجاب وقد يركب على ظهرك ويناقشك ويتجرأ على المساس بكرامتك وشخصك وينعتك بأقسى النعوت فتقع أيها الأستاذ في حيرة من أمرك، أتعرض عنه فيستبيح حماك مرات ومرات.
أم تضربه أو تلومه فيزداد الشرخ في جسده وفكره؟ ولكن الأستاذ الحكيم والكيس الفطن يعرف غالبا كيفية إتخاذ الأسلوب المناسب في الوقت المناسب وفي المكان المناسب وفي الظرف المناسب وذلك بعد أن يأخذ نصيبا ولو بسيطا من العلم بنفسية الطفل المراهق ذكرا كان أم أنثى، والبعض يرى أن المراهق كقنينة الوقود التي تنتظر شرارة الفراغ لتنفجر، لذلك لا بد من إشغال وقت فراغ هذا الإنسان التائه وتثقيفه دينيا ومعرفيا وشغل وقت فراغه من طرف الأسرة أولا ثم المعلم والأستاذ ثانيا، وعلى الأستاذ أن يحذر من المبالغة في فرض السلطة على التلميذ المراهق وأمره بفعل كذا أو كذا بالقوة لأنه يمكن أن يأنف من تنفيذ الأوامر ويمضي إلى مخالفتها جملة وتفصيلا.