وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الجمعة الموافق 20 سبتمبر 2024 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد إياكم والإستهزاء بالدين، فإن المستهزئ لم يقدر الله حق قدره ولم يشعر بفداحة الجرم الذي إرتكبه وأحسب والله أعلم أن الإستهزاء بالدين وأهله لم يبحث بحثا مستقلا شاملا، يجمع شتاته ويكشف للناس عواره، خاصة وإنه من الأمور التي قد تقع من الإنسان بدون قصد وهنا مكمن الخطر، فإنه إن وقع بدون قصد فجرمه كبير وخطره على الإيمان عظيم وإن حصل بقصد فجرمه أكبر وأفظع وفي كلا الحالين لن يعذر هذا الهازل، فيقول الله تعالي كما جاء في سورة التوبة ” قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم “
فأفيقوا يرحمكم الله إلي هذا الناقض من نواقض الإسلام عسى الله أن ينفع به وعسى هذه الأمة أن تستيقظ وتنتبه للخوارم والمزالق التي تفسد عليها أمر دينها وعسى أن تأخذ أمتنا دينها الحق بجدية وصدق لا بسخرية وإستهزاء وهزل، فإن الأمة الهازلة لا مكان لها في واقع الحياة والناس، وإن أمة تأخذ دينها سخرية وضحك وتهمز وتغمز الدين وأهله لهي أمة قد تودع منها قول الحق سبحانه وتعالي في سورة هود ” وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون” فالاستهزاء خُلق من أخلاق أعداء الله، تخلق به الكفار والمشركون، وتخلق به المنافقون الذين إحترقت أحشاؤهم على دين الله وأهله، ولذلك كشف الله تعالى هذا الخُلق لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ووردت آيات كثيرة في كتاب الله تبين موقف الأنبياء والرسل من هذا الخلق الرديء وأصحابه.
بل صرحت هذه الآيات بكفر هؤلاء الهازلين المستهزئين، وثابت من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أرحم الناس بالناس وأقبل الناس عذرا للناس ومع ذلك كله لم يقبل عذرا لمستهزئ ولم يلتفت لحجة ساخر ضاحك، فحين سخر به وبأصحابه من سخر في مسيره لمعركة تبوك وجاء الهازلون يقولون إنما كنا نخوض ونلعب، لم يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم عذرا، بل أخذ يتلو عليهم الحكم الرباني الذي نزل من فوق سبع سماوات كما جاء في سورة التوبة ” قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم” ولكي ندرك خطورة وفداحة ما أرتكبوه ننظر إلى ملابسات حالهم، فنجد أنهم قد خرجوا في الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتركوا الأهل والأزواج والأولاد والأوطان، وكان خروجهم في فصل الصيف وشدة حرارته معلومة وتعرضوا للجوع الشديد والعطش الأليم ومع هذا كله لم يشفع لهم حال من هذه الأحوال حين أستهزأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة الأجلاء، أما علماء الأمة المحمدية فقد انعقد إجماعهم رحمهم الله في الماضي والحاضر على أن الإستهزاء بالله وبدينه وبرسوله كفر بواح، يخرج من الملة بالكلية ولكي يتضح لك هذا الأمر جليا، فتأمل حال المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار تجد أنهم من أشد الناس هزءا وسخرية بالله وآياته ورسوله والمؤمنين وذلك أمر مخرج لهم عن الدين بالكلية فقال الله تعالى عنهم كما جاء في سورة التوبة.
” وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون، وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون، الله يستهزىء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون، أولئك الذين أشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين”.