الصبر علي الخطأ بين الأزواج بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد قيل أنه طلق ابن عمر رضي الله عنهما امرأته وهي حائض، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فتغير، وقال لعمر ” مُر عبدالله أن يراجعها حتى تطهر، ثم تحيض، فتطهر، ثم إن بدا له أن يطلقها فليطلقها في طهر لم يمسها” فالطلاق شأنه عظيم، فالحذر من التهاون به، والحذر من الإستعجال فيه وجعله على اللسان دائما أو تعليق الأمور به أمرا أو نهيا.
فالبعض من المسلمين هدانا الله وإياهم لا يبالي بهذا الأمر العظيم، على أتفه الأسباب يعلق طلاقه عليه، ربما أتاه ضيف فأراد إكرامه، فلم يستجب له، فقال عليّ الطلاق أن تأكل الذبيحة، وعليّ أن أفعل، وعليّ الطلاق أن لا أفعل، كل هذا من الخطأ، فلنجنب ألسنتنا هذه الأمور، ولنتروي في أمر طلاقنا، ولا نستعجل، فنندم ولا ينفع الندم، وعلى المرأة المسلمة أن تتقي الله في تعاملها مع زوجها، ولا تحمله على هذا الأمر، ولا تسلك الطريق الذي يسبب استعجاله في هذا الأمر بل لتراعي شعور زوجها، وتراعي أحاسيسه، ولا تحمله على الطلاق ما وجدت لذلك سبيلا، فعندما تراه غضبانا ومنفعلا فلتبتعد عن كل أمر يثير غضبه، لتترك بعض الأمور التي لا خير فيها، ولتعرض عن بعض المعاتبة التي قد لا يكون هذا موضعها.
فإن المرأة إذا رأت غضب زوجها وانفعاله، ثم بدأت تزيد النار نارا، فربما وقع طلاق فتندم ويندم الرجل، وإن للطلاق آثاره غير الحسنة لمن استعجل فيه، فالطلاق ضرر لمن يتأمل تكون المرأة أيّما، ويتشتت أمر الأسرة، ويضيع الأولاد بين طلب الأب وبين طلب الأم، وربما حصل بين الزوجين عناد في زيارة الأبناء لأمهم أو أبيهم، والمقصود هو أن الطلاق ضرره عظيم، ولولا الحاجة الملحة إليه ما أباحه الشارع، فالواجب على الزوجين تقوى الله في أنفسهما، وأن يتذكرا هذه الأضرار للطلاق تذكرا يدعوهما إلى الصبر والتحمل، فعلى الرجل أن يصبر ويتحمل الأخطاء، ويحاول أن يصبر ما دام الأمر لا يتعلق بالعرض، فيصبر ويتحمل، فلعل العاقبة حميدة، وعلى المرأة أن تصبر أيضا وتحتسب، ولا تدخل في مهاترات مع زوجها.
فيسبب ذلك فراقها، فلنتقي الله تعالي في أمورنا، ولنتقي الله تعالي في طلاقنا ورجعاتنا، ولهذا شرع للزوجين بعد الطلاق الرجعة إن أرادا الإصلاح، ما دامت الطلقة الأولى أو الطلقة الثانية، فعلى المسلِم أن يتقي الله في طلاقه ورجعته، وأن يكون صادق المقال، لا يكون متناقضا، فاللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوّل عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك يا أرحم الراحمين.