مقال

قريش تفتش علي رسول الله

جريدة الأضواء المصرية

الدكروري يكتب عن قريش تفتش علي رسول الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
التاريخ : الخميس 11 يوليو

الحمدلله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد عندما خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم مهاجرا من مكة إلي المدينة لم يهدأ كفار قريش في البحث وتحريض أهل مكة للقبض على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أو قتلهما، ورصدوا مكافأة لمن ينجح في ذلك مائة ناقة، وقد استطاع أحد المشركين أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم من بعيد، فانطلق مسرعا إلى سراقة بن مالك.

وقال له “يا سراقة، إني قد رأيت أناسا بالساحل، وإني لأظنهم محمدا وأصحابه” فعرف سراقة أنهم هم، فأخذ فرسه ورمحه وانطلق مسرعا، فلما دنا منهم عثرت به فرسه حتى سقط، وعاد مرة أخرى وامتطى فرسه وانطلق فسقط مرة ثانية، لكن رغبته في الفوز بالجائزة أنسته مخاوفه، فحاول مرة أخرى فغاصت قدما فرسه في الأرض إلى الركبتين، فعلم أنهم محفوظون بحفظ الله، فطلب منهم الأمان وعاهدهم أن يخفي عنهم، فأمنه النبي صلى الله عليه وسلم ووعده بسواري كسرى، وأوفى سراقة بوعده فكان لا يلقى أحدا يبحث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أمره بالرجوع، وكتم خبرهم، وفي طريقهم إلى المدينة نزل الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه بخيمة أم معبد.

فسألاها إن كان عندها شيء من طعام ونحوه، فاعتذرت بعدم وجود شيء سوى شاة هزيلة لا تدرّ اللبن، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الشاة فمسح ضرعها بيده ودعا الله أن يبارك فيها، ثم حلب في إناء وشرب منه الجميع، وانتهت هذه الرحلة والهجرة المباركة بما فيها من مصاعب وأحداث، ومعجزات وكرامات، ليصل صلى الله عليه وسلم إلى أرض المدينة المنورة بسلام وأمان، ولقد كانت الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة انطلاقة لبناء دولة الإسلام، وإعزازا لدين الله تعالى، وفاتحة خير ونصر وبركة على الإسلام والمسلمين، ولذا فإن دروس الهجرة الشريفة مستمرة لا تنتهي ولا ينقطع أثرها، وتتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل، ومن هذه الدروس هو عظم دور المرأة المسلمة في الهجرة.

فقد لمعت في سماء الهجرة أسماء كثيرة فهذه عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، التي حفظت لنا القصة ووعتها وبلغتها للأمة، وهذه أختها أسماء ذات النطاقين، التي ساهمت في تموين الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار بالماء والغذاء، وكيف تحملت الأذى في سبيل الله، كما روى ابن إسحاق وابن كثير في السيرة النبوية أنها قالت “لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش، فيهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجت إليهم فقالوا “أين أبوك يا بنت أبي بكر؟” قالت قلت “لا أدري والله أين أبي؟”، قالت “فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشا خبيثًا فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي”

قالت ثم انصرفوا” فهذا درس تتعلمه نساء المسلمين جيلًا بعد جيل يتجلى من خلال الدور الذي قامت به عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما حيث كانتا نعم الناصر والمعين في أمر الهجرة فلم يخذلا أباهما أبا بكر مع علمهما بخطر المغامرة، ولم يفشيا سر الرحلة لأحد، ولم يتوانيا في تجهيز الراحلة تجهيزا كاملا، إلى غير ذلك مما قامتا به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى