مقال

الدكروري يكتب عن إنتقال عكرمة من الكفر إلي الإيمان

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن إنتقال عكرمة من الكفر إلي الإيمان
بقلم/ محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن الصحابي الجليل عكرمة بن أبي جهل، سواء قبل إسلامة أو بعد إسلامة، فعن ابن المسيب عن أبيه قال “لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أبى أمية وأبو جهل فقال له يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله” فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعادها عليه النبى صلى الله عليه وسلم فأعادا، فكان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “لأستغفرن لك ما لم أنه عنك” فأنزل الله عز وجل فى سورة التوبة ” ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم”

ولا يتعارض هذا مع قوله تعالى للنبى صلى الله عليه وسلم ” وإنك لا تهدى إلى صراط مستقيم” فلا تعارض، فالأولى التى نفاها الله عن نبيه هى هداية التوفيق والثانية التي أثبتها له هي هداية الإرشاد والدلالة فالنبى يملك أن يدل الناس على الله ويأخذ بأيديهم إليه ويهديهم إليه بتعريف وبيان ولكنه لا يملك القلوب، فإن القلوب بيد علام الغيوب سبحانه وتعالى، وأنزل الله كذلك فى صورة القصص” إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء” فسبحان ربى إن الله وحده هو الدى يملك هدايه التوفيق والتثبيت، فلم يملك النبى صلى الله عليه وسلم هداية التوفيق لعمه وإن بذل كل ما في وسعه من هداية الإرشاد والدلالة والبيان وهذا يضع أيدينا على الأمر الخطير والشيء المهم وهو أننا بحاجة في كل نفس.

إلى أن نضرع إلى الله تعالى أن يهدينا إلى سواء السبيل ويثبتنا على الصراط المستقيم، ومن هداه الله تعالى فى الدنيا إلى طاعته ووفقه إلى عبادته هداه فى الآخرة إلى جنته، وهذه الهداية هي الهداية في الآخرة وهي النوع الأخير من أنواع الهداية، فإن الهداية إلى الجنة والمنزل فيها وصدق الله إذ يقول، فى سوة محمد ” ويدخلهم الجنة عرفها لهم” فكل مؤمن يعرف منزله فينطلق إليه مباشرة دونما تعريف من أحد، وأما الكافرون، وأما الظالمون وأما المجرمون، وأما الخاسرون فيهديهم الله تعالى إلى دركات النار، فالمؤمنون والطائعون ينطلقون بهداية ربهم إلى الجنة، والكافرون العصاة المجرمون يهديهم ربهم إلى الجحيم، وجلس عكرمة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا محمد، إن هذه أخبرتني بأنك أمنتني.

وهو يقصد زوجته السيدة أم حكيم بنت الحارث، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ” صدقت فأنت آمن” فقال عكرمة إلى ما تدعو يا محمد؟ وبدأ عكرمة يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فقال له صلى الله عليه وسلم ” ادعوك أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله، وأن تقيم الصلاة وأن تؤتى الزكاة وتفعل وتفعل، وأخذ يعدد عليه صلى الله عليه وسلم أمور الإسلام، حتى عد له كل خصال الإسلام، فقال عكرمة ما دعوت إلا إلى الحق، وأمر حسن جميل، وهكذا فإن القلوب بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ففي هذه اللحظات شعر عكرمة بن أبي جهل أن كل ما ذكره صلى الله عليه وسلم حق، وأن كل ما تحدث عنه قبل ذلك أيام مكة، وبعد مكة كان صدقا، وكان حقا، وكان من كلام النبوة والوحي

وهنا قال عكرمة بن أبي جهل قد كنت والله فينا تدعو إلى ما دعوت إليه، وأنت أصدقنا حديثا، وأبرنا برا، ثم قال عكرمة فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وفي لحظة واحدة انتقل عكرمة من معسكر الكفر إلى معسكر الإيمان، إنها حسن المعاملة، والرفق بالناس، وهكذا امتلك الرسول صلى الله عليه وسلم قلبه في لحظات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى