مقال

الدكروري يكتب عن وعلم آدم الأسماء كلها

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وعلم آدم الأسماء كلها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله عز وجل هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات، أما الملائكة الكرام فلا حاجة لهم بهذه الخاصية لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم، ومن ثم لم توهب لهم، فلما علم الله آدم هذا السر، وعرض عليهم ما عرض لم يعرفوا الأسماء ولم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص، وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم، والاعتراف بعجزهم والإقرار بحدود علمهم وهو ما علمهم، ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء، ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم فيقول تعالي ” قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون” فأراد الله تعالى أن يقول للملائكة إنه علم ما أبدوه من الدهشة.

 

حين أخبرهم أنه سيخلق آدم، كما علم ما كتموه من الحيرة في فهم حكمة الله، كما علم ما أخفاه إبليس من المعصية والجحود، وأدرك الملائكة أن آدم هو المخلوق الذي يعرف، وهذا أشرف شيء فيه، وهو قدرته على التعلم والمعرفة، وكما فهموا السر في أنه سيصبح خليفة في الأرض، يتصرف فيها ويتحكم فيها بالعلم والمعرفة وهو معرفة بالخالق، وهذا ما يطلق عليه اسم الإيمان أو الإسلام، وعلم بأسباب استعمار الأرض وتغييرها والتحكم فيها والسيادة عليها، ويدخل في هذا النطاق كل العلوم المادية على الأرض وإن نجاح الإنسان في معرفة هذين الأمرين، وهما الخالق وعلوم الأرض، يكفل له حياة أرقى، فكل من الأمرين مكمل للآخر، وكان آدم عليه السلام يحس الوحدة، فخلق الله عز وجل.

 

له حواء من أحد منه، فسمّاها آدم حواء، وأسكنهما الجنة، وقيل لا نعرف مكان هذه الجنة، فقد سكت القرآن الكريم عن مكانها واختلف المفسرون فيها على خمسة وجوه، فقال بعضهم إنها جنة المأوى، وأن مكانها السماء، ونفى بعضهم ذلك لأنها لو كانت جنة المأوى لحرم دخولها على إبليس، ولما جاز فيها وقوع عصيان وقال آخرون إنها جنة المأوى خلقها الله تعالي لآدم وحواء، وقال غيرهم إنها جنة من جنات الأرض تقع في مكان مرتفع، وذهب فريق إلى التسليم في أمرها والتوقف، ونحن نختار هذا الرأي، وإن العبرة التي نستخلصها من مكانها لا تساوي شيئا بالقياس إلى العبرة التي تستخلص مما حدث فيها، ولم يعد يحس أبو البشر آدم الوحدة، وكان يتحدث مع حواء كثيرا.

 

وكان الله قد سمح لهما بأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعا بكل شيء، ما عدا شجرة واحدة، فأطاع آدم وحواء أمر ربهما بالابتعاد عن الشجرة، غير أن آدم إنسان، والإنسان ينسى، وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده في صدره، واستغل تكوين آدم النفسي، وراح يثير في نفسه يوما بعد يوم، وراح يوسوس إليه يوما بعد يوم، فيقول ” هل أدلك علي شجرة الخلد وملك لا يبلي” وتسائل أدم عليه السلام بينه وبين نفسه، ماذا يحدث لو أكل من الشجرة ؟ ربما تكون شجرة الخلد حقا، وكل إنسان يحب الخلود، ومرت الأيام وآدم وحواء مشغولان بالتفكير في هذه الشجرة، ثم قررا يوما أن يأكلا منها، ونسيا أن الله عز وجل حذرهما من الاقتراب منها، ونسيا أن إبليس عودهما القديم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى