مقال

الدكروري يكتب عن الكفر بما عبد من دون الله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الكفر بما عبد من دون الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن معنى الكفر بالطاغوت والكفر بما عبد من دون الله، هو البراءة منه واعتقاد بطلانه، فقيل” فأما صفة الكفر بالطاغوت، فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله تعالى، وتتركها وتبغضها وتكفِّر أهلها وتعاديهم” وقال في بيان الطاغوت الذي أمرنا بالبراءة منه، واعتقاد بطلانه في كتابه ثلاثة الأصول، فقال ابن القيم رحمه الله “معنى الطاغوت هو ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، والطواغيت كثيرون، ورؤوسهم خمسة، وهم إبليس لعنه الله، ومن عبده وهو راض، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئا من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله، وقال في بيان نواقض الإسلام، الثالث هو من لم يكفر المشركين أو يشك في كفرهم أو يصحح مذهبهم فقد كفر، وإن الطاغوت هو كل ذي طغيان على الله فكل ما عبد من دون الله.

ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله، فهو طاغوت، والإنسان ما يصير مؤمنا بالله إلا بالكفر بالطاغوت، والدليل قوله تعالى ” فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ” وإن مفهوم الكفر في اللغة هو التغطية والستر، وأمّا في الاصطلاح فهو ضد الإيمان في القول والفعل والاعتقاد، وكما أن الكفر هو دين الشيطان، ويورّث صاحبه الضلال في دنياه والشقاء في آخرته، كما أن الكفر هو رفض الدخول في الإسلام، أو هو الخروج منه بعد دخوله، والاعتقاد بدين آخر غير دين الله سبحانه وتعالى، ويكون ذلك بسبب التكبر والعناد أو ربما بسبب الحمية لدين الأجداد والآباء، أو لأطماع دنيوية، كالمال، أو الجاه والمنصب، ويكون الكفر بالتكذيب.

والاستهزاء بالله أو برسوله صلى الله عليه وسلم، أو بكتابه، كما يمكن أن يكون الكفر بالذبح لغير الله تعالى، أو بالسجود لغيره، أو العمل بالسحر أو تعليمه، وإن الطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة، وهم أولهم الشيطان وهو الداعي إلى عبادة غير الله تعالى، والدليل قول الحق سبحانه وتعالى” ألم أعهد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ” وثانيهم هو الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى، والدليل قول الحق سبحانه وتعالى” ألم ترى إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكوا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا” وثالثهم هو الذي يحكم بغير ما أنزل الله تعالى، والدليل هو قوله تعالى ” ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون “

ورابعهم هو الذي يدعي علم الغيب من دون الله تعالى، والدليل هو قول الله سبحانه وتعالى ” عالم الغيب فلا يظهر على غيبة أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا” وقوله تعالى “وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما فى البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين” وخامسهم هو الذي يعبد من دون الله تعالى، وهو راضى بالعبادة، والدليل هو قوله سبحانه وتعالى ” ومن يقل منهم إنى إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين ” وعلى هذا فليس كل ما عبد من دون الله تعالى، يعتبر طاغوتا فالأنبياء والعلماء وغيرهم من الصالحين والأولياء لم يحملوا الناس على عبادتهم، إياهم ولا أطاعوهم في ذلك بل حذروهم من ذلك أشد تحذير.

بل كان المقصد من إرسال الله الرسل إلى الخلق دعوتهم إلى توحيد الله سبحانه وتعالى، والكفر بما دونه، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم ” ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلاله فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين” فلا يسمى الأنبياء ولا العلماء وإن عبدوا من دون الله طواغيتا، لأنهم حذروا الناس من ذلك وأن لا يشركوا بعبادة ربهم أحدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى