رغم “أحدث شبكة طرق”.. نزيف الأسفلت مستمر على طرق الموت
ابقلم : د . هاني المصري
————————————————
لا تزال طرق مصر، رغم كل التطوير المعلن، تحصد أرواحًا في عمر الزهور. ففي يومين فقط، ودّعت مصر شابًا على مشارف التخرج من كلية الشرطة، و18 فتاة عاملة لم تكن لهن سوى أحلام بسيطة على رصيف الحياة.
مصرع طالب شرطة قبل تخرجه بشهور
في حادث مأساوي هزّ منطقة الشيخ زايد، لقي طالب بالسنة النهائية في كلية الشرطة مصرعه دهسًا تحت عجلات سيارة مسرعة أثناء عبوره وصلة دهشور. الطالب، المعروف بأخلاقه وتفوقه، كان على بعد أسابيع فقط من حفل تخرجه، لولا أن الحياة قررت أن تُنهي مشواره في لحظة تهور.
التحقيقات الأولية أفادت بأن السيارة كانت تسير بسرعة جنونية، وأمرت النيابة بحبس السائق وإجراء تحليل مخدرات له. الحادث أعاد للأذهان عشرات الحوادث التي شهدها نفس الطريق، وسط مطالبات بتركيب إشارات مرورية وكاميرات مراقبة.
فاجعة الطريق الإقليمي: 18 زهرة في عمر العمل تُقطف فجأة
لم يفق المصريون من الحادث الأول حتى استيقظوا على خبر مأساوي جديد: مصرع 18 فتاة وسائق ميكروباص على الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية، إثر تصادم مروع مع شاحنة تسير عكس الاتجاه.
الفتيات كنّ في طريقهن للعمل اليومي بأجر زهيد، ولم يتخيلن أن رحلتهن البريئة ستتحول إلى مأتم جماعي. الحادث فتح النار مجددًا على غياب الرقابة المرورية، وضعف إجراءات الأمان في الطرق السريعة.
من يتحمل المسؤولية؟ الطريق أم السائق؟
رغم أن مصر أعلنت مؤخرًا عن إنشاء “أحدث شبكة طرق في العالم”، إلا أن استمرار هذه الحوادث المروعة يطرح سؤالًا مؤلمًا: أين الخلل؟
الطريق
بعض الطرق الحديثة تفتقر للحواجز، والإشارات المرورية، وأماكن عبور آمنة.
ضعف الإنارة الليلية في مناطق حيوية.
غياب كاميرات الردع في كثير من المحاور السريعة.
السائق
القيادة بسرعات قاتلة.
السير عكس الاتجاه، والتجاوزات العشوائية.
ضعف الالتزام بقواعد المرور، وغياب التوعية الكافية عند استخراج الرخص.
هل الحل في “الردع” أم “التثقيف”؟
الخبراء يرون أن الحل لا يقتصر على بنية تحتية متطورة، بل لا بد من ضبط سلوك قائدي المركبات بتطبيق صارم للقانون، وتفعيل أنظمة الرادارات، وتدريب السائقين تدريبًا حقيقيًا قبل منح الرخصة.
كما طالبوا بإدراج التربية المرورية في المناهج التعليمية، وإطلاق حملات إعلامية مستمرة لتغيير الثقافة العامة في التعامل مع الطرق.
وختاماً : الطرق ليست قاتلة… بل من يقودونها!
الطرقات لا تقتل، لكن سلوك البشر هو من يحولها إلى فخاخ للموت. كل روح تُزهق على الأسفلت يجب أن تكون جرس إنذار لنا جميعًا: للسائق، وللمشرّع، ولمن بيدهم تطوير البنية والوعي معًا.
رحم الله الضحايا، وحفظ مصر وأهلها من شر الطرق وما يعتريها من تهور وإهمال.