مقال

الحصان الأسود الدرونز

جريدة الأضواء المصرية

الحصان الأسود الدرونز
لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبي
مع تصاعد الأحداث منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، تبرز الطائرات المسيرة بدون طيار، المعروفة باسم “الدرونز”، كأحد الوسائل، والأسلحة العسكرية، الجديدة، المسئولة عن تغيير شكل القتال، وتحقيق المفاجآت في ميادينه، مما لم يتصور أحد إمكانية تحقيقها.

ففي يوم ١ يونيو الجاري، نفذت أوكرانيا عملية، مفاجئة، بطائرات مسيرة، هاجمت خلالها خمس قواعد جوية روسية، في عمق 4000 كيلو متر داخل الأراضي الروسية. أسفرت العملية عن تدمير، وتعطيل، أكثر من 40 طائرة، تمثل أقوى ما تملكه روسيا في المثلث النووي. تم تنفيذ العملية بواسطة 117 مسيرة، دخلت إلى روسيا في كبائن تشبه المنازل الروسية، تم وضعها في شاحنات، وعندما اقتربت من القواعد الجوية الروسية، انطلقت المسيرات نحو أهدافها ضد الطائرات الروسية.

ولمن لا يعلم، فإن الطائرات المسيرة، هي طائرات يتم توجيهها عن بُعد، أو من خلال البرمجة المسبقة، ويتمكن معظمها، وفقاً للطراز، من تنفيذ نفس مهام الطائرات المقاتلة التقليدية، مثل المهام الاستطلاعية، أو تدمير الأهداف المعادية، أو أعمال الشوشرة الإلكترونية، والأعمال الانتحارية، ومراقبة الحدود والسواحل، وغير ذلك من المهام.

وأمام تلك القدرات المتقدمة، كان الاهتمام بتطويرها، والاعتماد عليها في الحروب الحديثة، لعدة أسباب، أولها تقليل الخسائر البشرية، فضلاً عن خفض تكلفة العمليات القتالية، في ضوء تجاوز تكلفة الطائرات المقاتلة من طراز F16 الأمريكية، وسوخوي 35 الروسية، مبلغ 90 مليون دولار، بينما تتراوح أسعار الصواريخ الباليستية، والفرط صوتية، بين 2 إلى 3 مليون دولار، في مقابل سعر الطائرة المسيرة بدون طيار، الذي يبدأ من 30 إألف دولار، ويصل إلى مليون دولار، وفقاً لقدراتها.

يضاف لما سبق أن الطائرة المقاتلة التقليدية تحتاج إلى مطارات، وممرات طويلة للإقلاع وللهبوط، وما يرتبط بها من تكلفة وترتيبات لوجستية، في حين تُطلق الطائرة المسيرة من سيارة، أو أرض مفتوحة، أو حتى سطح منزل. كما أن الطائرة التقليدية تحتاج إلى طيار مدرب، يستغرق تدريبه ما لا يقل عن ٤ سنوات، عكس الطائرة المسيرة بدون طيار، التي يحتاج تشغيلها، وإدارتها من الأرض، لفرد يتم تدريبه في ثلاثة أشهر.

وبينما يسهل اكتشاف الطائرة المقاتلة التقليدية بواسطة الرادارات العادية، حتى أنواع “الشبح” الحديثة منها، فإن صغر حجم الطائرة المسيرة، يجعل من الصعب اكتشافها رادارياً، لقدرتها على الطيران والتحليق على ارتفاع منخفض للغاية من سطح الأرض، كما يمكنها الطيران المتصل دون التزود بالوقود لمدة تزيد عن 25 ساعة متواصلة.

كما يمكن برمجة خط سير الطائرة المسيرة بدون طيار، مسبقاً، بواسطة الحاسبات الآلية، وتوجيهها نحو أهدافها باستخدام نظام الملاحة الدولي GPS، وهو ما يُعد تقنية عالية لا يمكن تطبيقها في حالة الطائرات المقاتلة التقليدية. ومن كل هذا، نتوقع أن تشهد السنوات القليلة القادمة مزيداً من التطوير للطائرات المسيرة، ليتم الاعتماد عليها بصورة أكبر في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى