القاهرة تُطلق الإنذار الأخير .. فلسطين ليست للبيع، وليبيا ليست منفى
بقلم .. د . هاني المصري
——————————–
في تطور سياسي لافت يعكس تصاعد التوترات الإقليمية حول القضية الفلسطينية، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحذيرًا مباشرًا إلى الإدارة الأمريكية، محذرًا من خطورة المُضي قدمًا في تنفيذ خطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى ليبيا، في ظل تقارير عن دعم وتمويل خليجي محتمل لهذه الخطوة المثيرة للجدل.
وأكد الرئيس المصري، في رسالة سياسية حازمة، أن أي محاولة لفرض تهجير قسري للفلسطينيين خارج أراضيهم، سواء إلى سيناء أو ليبيا أو غيرها من الدول، يُعد تجاوزًا غير مقبول يمس جوهر الأمن القومي المصري، ويهدد استقرار المنطقة برمتها. وأضاف أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات فرض واقع جديد عبر ضغوط سياسية أو مالية تمس حقوق الشعب الفلسطيني وتعرض التوازن الإقليمي للخطر.
تمويل خارجي ومساعٍ لإعادة التوطين
تأتي هذه التحذيرات على خلفية تقارير صحفية ودبلوماسية تحدثت عن مقترحات أمريكية، مدعومة من بعض العواصم الخليجية، لإعادة توطين أعداد كبيرة من سكان غزة في مناطق من الأراضي الليبية، في خطوة وُصفت بأنها جزء من خطة لإعادة “هندسة” ديمغرافية القطاع، بما يسهل إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفق منظور أحادي.
الرئاسة المصرية، عبر مصادر مطلعة، عبّرت عن رفضها القاطع لأي دور خارجي يسعى لتصفية القضية الفلسطينية عبر حلول إنسانية ظاهرها الرحمة وباطنها التهجير، مشددة على أن هذه المحاولات لا يمكن أن تُمرر دون رد حاسم، وأن أمن ليبيا من أمن مصر، وبالتالي فإن زعزعة استقرارها عبر ضخ لاجئين قسرًا فيها سيُقابل بإجراءات سياسية وأمنية صارمة.
دعم شعبي ورسمي للموقف المصري
وقد حظي موقف الرئيس السيسي بدعم واسع من كافة القوى السياسية في الداخل المصري، التي أكدت أن تهجير الفلسطينيين يُمثل مساسًا مباشرًا بسيادة مصر وأمنها، كما يعكس محاولات لخلق بدائل وهمية عن الحل العادل للقضية الفلسطينية، وهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن القاهرة أبلغت جميع الأطراف الإقليمية والدولية بأنها ترفض استخدام أي دولة عربية، بما في ذلك ليبيا، كمنفى جماعي للفلسطينيين، وإن مصر لن تتعاون أو تصمت أمام مشاريع تصفوية تخدم المصالح الإسرائيلية على حساب الحقوق الفلسطينية.
المنطقة على حافة تصعيد
وتشير التحليلات إلى أن هذا التحذير المصري يُعد من أقوى المواقف العلنية الصادرة عن القاهرة في الفترة الأخيرة، مما يعكس إدراكًا رسميًا لخطورة المرحلة القادمة، لا سيما في ظل تسارع الأحداث في غزة ومحاولات بعض الأطراف فرض حلول غير عادلة على حساب السكان المدنيين.
إن التحذير المصري، وإن كان موجّهًا للإدارة الأمريكية بشكل مباشر، فإنه يحمل أيضًا رسالة قوية إلى العواصم الخليجية التي يُعتقد أنها تمول أو تدعم هذه المشاريع، بأن أي مساهمة في مثل هذه الخطط ستكون بمثابة مساهمة في زعزعة استقرار المنطقة وتدمير أساسات التضامن العربي.
ختاماً
مصر، من خلال هذا التحذير، لا تدافع فقط عن الفلسطينيين، بل عن استقرارها وحدودها ودورها التاريخي في حماية الأمن القومي العربي. والرسالة واضحة: لا تهجير، لا توطين، لا تلاعب بمصير الشعوب تحت غطاء “المساعدات” أو “المبادرات الإنسانية”. القضية الفلسطينية ليست عبئًا، بل مسؤولية تاريخية، والتاريخ لا يرحم من يفرط.