مقال

الاستعمار بيع الدول وابتزاز حكوماتها ونهب ثرواتها

جريدة الأضواء المصرية

الاستعمار بيع الدول وابتزاز حكوماتها ونهب ثرواتها. 

بقلم أ. غالب الحبكي/العراق 

لم نسبق أن عاصرنا ما يحدث اليوم على هذا الكوكب، حيث لم يسجل التاريخ أن شهدنا مثل هذا المستوى من الاستغلال وابتزاز قادة الدول وزعمائها بهذا الشكل المنظم، كما نراه على شاشات التلفاز في عالم اليوم.  

في الحقيقة، تطورت الرؤى والأفكار الاستعمارية، وتبدلت أسلحة الاستعمار القديم التي لم تعد تجدي نفعاً ، لذا اتخذ الاستعمار أشكالاً جديدة أكثر تعقيداً وأشد تأثيراً ووقعاً، أذ لم يختفِ الاستعمار القديم بعيداً عن مقاصده كلياً، بل أعاد تشكيل نفسه من جديد، ليتجسد في صور الهيمنة الاقتصادية والسياسية، والقوة العسكرية المدمرة و المخيفة، و التي تستهدف الدول الغنية والضعيفة عسكرياً، فلا مكان للضعيف بعد اليوم.  

ما نشهده اليوم هو ابتزاز اقتصادي وسياسي من نوع جديد….أدواته القروض المشروطة والضغوط الدولية التي تهدد استقلالية الشعوب وسيادتها، مما يضعف القرارات الوطنية.  

هذه الأساليب الحديثة تؤدي بالتالي الى سرقة ونهب الأموال وثروات الشعوب وتدمير اقتصاداتها، مما يجعل الدول عالقة في دائرة الهيمنة الاقتصادية العالمية.  

الابتزاز العالمي المتصاعد بشكل طردي يعتاش على اغتصاب الأموال، ويضمن تدفقها لصالح البنوك العالمية، فالأمر لم يأتِ صدفة، وإنما أصبح جزءاً من سياسة هذا النظام العالمي الجديد الذي يعزز سيطرته وهيمنته عبر استغلال ضعف الدول.  

التبريرات المستخدمة تحت عناوين متعددة، مثل “التعاون الدولي” أو “الاقتراض الدولي” “الاستثمار الدولي” أو “تبادل الخبرات”، ومسميات كثيرة ليست إلا واجهات تغطي عمليات استخراج الأموال وضمان استمرار الحكومات المرتبطة بالنظام.  

وتتجلى مظاهر هذا الاستعمار الحديث في الصراعات التي نراها في مناطق عديدة من العالم، مثل أوكرانيا، سوريا، ليبيا، والسودان. هذه الأزمات ليست سوى أدوات لتحقيق مصالح القوى الكبرى عبر استنزاف ثروات الشعوب وإنهاكها، وتقويض استقلالها. المنطقة اليوم تخضع بالكامل لهذا النظام الجديد الذي يتحكم بمسارات الدول وقراراتها.  

يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن للدول أن تجد طريقاً جديداً للتخلص والخلاص من هذا الوضع المزري؟ وهل يمكنها مواجهة الأزمات الخطيرة التي عصفت بقصور حكامها ومؤسساتها الحكومية والدولية؟ تلك الأزمات التي باتت تجعلها رهينة بين جبهتين: بين دفع الأموال لضمان بقاء الحكومات أو الركود الاقتصادي، مما يشعل نيران الضغط الشعبي، وبالتالي يؤدي الى ندلاع تظاهرات شعبية تطالب الحكومة بالالتزام بحقوق المواطنين، أو بإسقاط الأنظمة الحاكمة على يد الشعوب؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى