نفحات إيمانية ومع الحياة الطيبة ” الجزء التاسع “

نفحات إيمانية ومع الحياة الطيبة ” الجزء التاسع ”
ونكمل الجزء التاسع مع الحياة الطيبة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا” رواه البخارى، فمن أصبح معافى في بدنه، آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فإن بعض الناس عنده قوت لسنوات طويلة ولكنه شقي بماله، فمن عمل بهذا الحديث فلا شك بأنه سيسعد، وإن من أسباب السعادة والاستقرار هو أن يقوم المسلم بما أوجب الله عز وجل عليه، وأن يبادر ويسارع ولا يقدم أحدا على أمر الله جل وعلا، فإذا سمع النداء ذهب إلى بيت الله عز وجل فمن السبعة الى يظلهم الله فى ظلة رجل قلبه معلق بالمساجد يترك ما بيده، يتأسى بنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها “إذا سمع النبي صلى الله عليه وسلم النداء كأنه لا يعرف أحد”
يتجه إلى بيت الله تعالى، فاتقوا الله حق تقاته، واعلموا أن من أسباب السعادة والهناء هو أن ننظر إلى الجانب الإيجابي فيمن نتعامل معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يفرك مؤمن من مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر” ومن أسباب السعادة أن تستقر البيوت، أن يحصل الوفاق بين الزوجين، أن يغض الزوج طرفه عن أخطاء زوجته، والزوجة كذلك تغض طرفها عن أخطائه وتقصيره، وبذلك تدوم المودة، فمن أسباب الشقاء والعناء هو الخلافات الزوجية، والطلاق، وتشتت الأولاد، فعلينا أن نأخذ بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهذه قاعدة مهمة، كما قال الشيخ السعدي رحمه الله يقول “وهذه قاعده في كل معاشر، كل ما تعاشره لا بد أن تغض طرفك عن أخطائه.
وتلحظ الجانب الإيجابي، أما إذا لاحظت الجانب السلبي فلن تدوم لك مودة، فعليك أن تأخذ الجانب الإيجابي من الأصدقاء والزملاء والجيران، وغير ذلك ممن تعاشرهم، وبذلك تدوم المودة، أما إذا دقق الإنسان، وأخذ يبحث عن الزلات والأخطاء، فإنه لا يدوم له صديق، ومن أسباب السعادة والهناء أن نعلم أن كلام الناس فينا لا يضر، وإنما يضرهم إلا إذا إلتفت إليه ونظر إليه الإنسان فإنه يضره كما ضرهم، فعليك أن تعلم أن كلام الناس لا يضرك لا تلتفت إليه، فإذا نقدك إنسان نقدا بناء فعليك أن تتقبله هذا النقد لأن هذا بناء لك، أما النقد السلبي، فلا تلتفت إليه، واعلم بأن هذا يهدي إليك أغلى ما يملك، يهدي إليك حسناته، فبعض الناس يشقي نفسه فيما يقوله الناس عنه.
واعلم وتأمل معي قول الله عز وجل “إن الله يدافع عن الذين آمنوا” ولو قيل لك أن فلانا من الناس من له المكانة يدافع عنك؟ لنشرح صدرك، وطابت نفسك، كيف وبالملك جل وعلا يدافع عنك؟ كيف ومن بيده الأمر كله سبحانه وتعالى، فإن السعادة مطلب العقلاء، ومبتغى الكبراء، وحلم يراود الضعفاء، ولكن الناس متفاوتون في فهم حقيقتها، ومتباينون في طرق الوصول إليها، منهم من يراها في المال والولد، ومنهم من يراها في الجاه والمنصب، ومنهم من يراها في توفر الشهوات يعب منها عبا، غير آبه بما يحل وما يحرم، ولا فرق عنده بين ممنوع ومشروع، ومنهم من يراها في السبق في مجال الصناعة والاختراع ومنهم من يراها في القصور الفارهة، والحسان الغانية.
والخيل المسمومة والأنعام والحرث، وكل ذلك من متاع الحياة الدنيا الفانية، ولكن ثمة ما هو أنفع وأبقى، ولقد أخطأ طريق السعادة فرعون الذي ظن الملك والجبروت طريقه الآمن الدائم، فقال قولته الظالمة الآثمة “يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي” وأعلن على الملأ عقيدته وجعل فيه عبرة وكان لمن خلفه آية وأبصر هو وجنده المخدوعون به آثار الشقوة وهم بعد لم يفارقوا الدنيا، أعلن الندم والتوبة ولكن هيهات وحين أضل طريق السعادة فرعون ومن على شاكلته في الكفر والطغيان، وجدها فتية مستضعفون آمنوا بربهم واعتزلوا معبودات قومهم، وكان نصيبهم من الأرض حين العزلة كهفا تقل مساحته في الأرض وتضيق منافذه الظاهرة نحو السماء.