مقال

الفرق بين أصدقاء الدنيا وأصدقاء الآخرة

جريدة الأضواء المصرية

الفرق بين أصدقاء الدنيا وأصدقاء الآخرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 21 يناير 2025
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي وصية الله للأولين والآخِرين، كما قال تعالى ” ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ” إن أصدقاء الدنيا قد تكون صداقتهم ومجالستهم لغرض شخصي ومصلحة مستفادة وقد يغضب أحدهم على صاحبه فيقلب له ظهر المجن وقد يحسد الصاحب صاحبه ويحقد عليه وقد يجلس الصديق مع صديقه وليس يشغلهم غير الغيبة والكلام على الناس بالقيل والقال.

أما رفاق الجنة وأصدقائها فقد نزع الله الغل والحقد من قلوبهم وصفى كلامهم من السوء وقلوبهم من الضغينة، وقال الجزائري في تفسير “ونزعنا ما في صدورهم من غل” أي حقد وحسد وعداوة وبغضاء، وعلى سرر متقابلين أي ينظر بعضهم إلى بعض ما داموا جالسين وإذا انصرفوا دارت بهم الأسرة فلا ينظر بعضهم إلى قفا بعض، لا يمسهم فيها نصب أي تعب، وما أروع ما قاله ابن القيم رحمه الله في وصف نعيم الجنة حيث قال وكيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده وجعلها مقرا لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير بحذافيره، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص، فإن سألت عن أرضها وتربتها، فهي المسك والزعفران وإن سألت عن سقفها، فهو عرش الرحمن.

وإن سألت عن ملاطها، فهو المسك الأذفر، وإن سألت عن حصبائها، فهو اللؤلؤ والجوهر وإن سألت عن بنائها، فلبنة من فضة ولبنة من ذهب، لا من الحطب والخشب وإن سألت عن أشجارها، فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب وإن سألت عن ثمرها، فأمثال القلال، ألين من الزبد وأحلى من العسل وإن سألت عن ورقها، فأحسن ما يكون من رقائق الحلل وإن سألت عن أنهارها، فأنهارها من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى وإن سألت عن طعامهم، ففاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون وإن سألت عن شرابهم، فالتسنيم والزنجبيل والكافور وإن سألت عن آنيتهم، فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير وإن سألت عن سعت أبوابها، فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام، وليأتينّ عليه يوم وهو كظيظ من الزحام.

وإن سألت عن تصفيق الرياح لأشجارها، فإنها تستفز بالطرب من يسمعها وإن سألت عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مئة عام لا يقطعها وإن سألت عن خيامها وقبابها، فالخيمة من درة مجوفة طولها ستون ميلا من تلك الخيام وإن سألت عن علاليها وجواسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنية، تجري من تحتها الأنهار وإن سألت عن إرتفاعها، فانظر إلى الكوكب الطالع، أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار وإن سألت عن لباس أهلها، فهو الحرير والذهب وإن سألت عن فرشها، فبطائنها من إستبرق مفروشة في أعلى الرتب وإن سألت عن أرائكها، فهي الأسرة عليها البشخانات، وهي الحجال مزررة بأزرار الذهب، فما لها من فروج ولا خلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى