
أهمية الوعي في بناء الأسرة
بقلم الدكتورة دعاء زيدان عضو هيئة معاونة بكلية العلوم الإسلامية والعربية للطلاب الوافدين – جامعة الأزهر
أعطى الله سبحانه جل في علاه للوعي والإدراك في هذه الحياة من الأهمية ما جعله بمثابة النجاة، ففي عبادة الله.. تدبر معي أهمية الوعي في الأحكام الشرعية الاعتقادية من توحيد الرب الإله، فقد دعانا لإعمال نعمة العقل الذي تميز بها الإنسان عمن سواه، وذلك عند التفكر في الملكوت من حولنا لنستيقن وجود الواحد الأحد الذي لا رب لنا إلّاه، فقد قال تعالى: ﵟوَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرَٰتُۢ بِأَمۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ ﵞ [النحل: 12] صدقت مالك الملك رباه، ثم تدبر أهمية الوعي في الأحكام الشرعية العملية المؤداة، لتجد أنه لا تصح بدون الوعي الصلاة، فقد قال الله ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقۡرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعۡلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ﵞ [النساء: 43] صدق ربنا الخبير الإله، وفيما يتعلق بجميع أمور الحياة؛ تجد الوعي مناط التكليف والمؤاخذة وهو ما تجلى في حديث رسولنا الرحمة المهداة، «رُفِعَ الْقَلَمُ عن ثلاثة: عن النائم حتى يَسْتَيْقِظَ، وعن الصبي حتى يَحْتَلِمَ، وعن المجنون حتى يَعْقِلَ» صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
ومن المؤكد أن الوعي أساس في بناء الأسرة التي هي للمجتمع النواة، فقد قال الخالق سبحانه فيما جميعنا قرأناه: ﵟوَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَﵞ [الروم: 21] فأمرنا سبحانه بالتفكر والوعي عند وضع أول لبنة في بناء الأسرة المرتجاة؛ عند الزواج.. وما هو الواجب على الزوجين أن يتّبعاه، من المودة والرحمة اللّذَين هما السر في استمرار الحياة، ثم صمام الأمن للاستقرار الذي هو حفظ الحقوق والواجبات فيما بين الزوجين لتجنب النزاع والمقاضاة، وذلك ما اتضح في قول الله: ﵟوَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚﵞ [البقرة: 228]، وفيه ما فيه من التوعية بالمساواة، أما عند النزاع فالوعظ الذي هو التوعية أول سبل المداواة، فقد قال سبحانه: “وَٱلَّـٰتِی تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ” [سورة النساء 34] ثم التدرج بالسبل في حال لم يؤثر الوعظ وطغت المعاداة، أما فيما يجب على الأبناء تجاه الآباء فوعّاهم الله بالإحسان إليهما قد حتى جعله بعد قوله تعالى: ﵟوَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ ۚﵞ [الإسراء: 23]
وكل هذا دليل على أن الوعي هو سبيل النجاة في هذه الحياة.. خاصة فيما يتعلق ببناء الأسرة فيكون بمثابة النعمة المهداة.