التركيز على بناء الشخصية السوية بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله فتح بابه للطالبين وأظهر غناه للراغبين، وبسط يده للسائلين، قصدته الخلائق بحاجاتها فقضاها، وتوجهت له القلوب بلهفاتها فهداها، وضجت إليه أصوات ذوي الحاجات فسمعها، ووثقت بعفوه هفوات المذنبين فوسعها، وطمعت بكرمه آمال المحسنين فما قطع طمعها، بابه الكريم مناخ الآمال ومحط الأوزار، لا ملجأ للعباد إلا إليه ولا معتمد إلا عليه، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله ربه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين فهدى الله به من الضلالة وبصر به من الجهالة وكثر به بعد القلة وأغنى به بعد العيلة ولمّ به بعد الشتات وأمّن به بعد الخوف فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إنه ينبغي علينا الإستمرار في طلب العلم وعدم التوقف عند حد معين.
وليس الغرض مجرد تحصيل شهادة معينه ثم ينتهي التعلم، بل يستمر في تحصيل العلم وزيادته الى آخر العمر، حيث قال الامام احمد “انما اطلب العلم الى ان ادخل القبر” وكذلك خدمة أمته ووطنه بالمجال الذي يحسنه ويتقنه وهذا من العمل بالعلم، فليحذر الطالب من القراءه غير النافعه، فانها تضيع الزمان وتشوش الفكر وقد تفسد العقائد وليحرص على انتقاء وليسأل عما يقرا من يثق به من عالم واستاذ ومرب، وليس المراد بالعلم مجرد القراءه، فان القراء اليوم كثير ولكن العلماء قليل، وإنه ينبغي علينا التركيز على بناء الشخصية السوية التي تدرك بالتدريج أن عليها واجبات مثلما من حقها اللعب، فلا نثقل الصغير بما لا يستطيع بل نهتم بالقيام بواجباته ومشاركته في ذلك بالإشراف والتدعيم الإيجابي مثل أن نوجه إليه كلمة شكرا، ممتاز أو جيد، أو حاول أن تكمل هنا كما أكملت هناك.
وهكذا من الكلمات التشجيعية، ونغفل قليلا الدرجات والنتائج والعلامات فبناء الشخصية السوية أهم بكثير من إرتفاع الدرجات والنقاط والعلامات، وكذلك عدم زجره حينما يلعب أو يتفرج على الصور المتحركة، بل محاولة إستخدام هذا التوجه فيما نريد تحقيقه منه، وأيضا القيام بمشاركته في ألعابه لنتقرب منه أكثر فأكثر، فهو بأمسّ الحاجة إلى من يشاركه اللعب ومحاولة تحويل قواعد العربية أو الإنجليزية أو الفرنسية مثلا وباقي المواد إلى مادة للّعب، ومحاولة معالجة موضوع النسيان بالتشجيع كلما تذكر حاجياته وواجباته وإظهار الإعجاب له بتقدمه وتحسنه في هذه الخصلة، ويمكن أن يشجّع المعلم التلاميذ على ممارسة نشاطات ثقافية معينة داخل المؤسسة أو خارجها والأفضل لو تتم هذه الممارسة تحت إشراف وتوجيه الوالدين أو المؤسسة التعليمية.
أو كبير مثقف له صلة بالتعليم ومتشبع بالمبادئ الإسلامية ويجب أن ينبه التلميذ إلى أنه ليس كل نشاط ثقافي مقبولا وتربويا.إن المطالعة والمسابقة الفكرية أو الرياضية والرسم والأناشيد والمسرحية الهادفة والرياضة والرحلة إلى البحر أو الغابة أو إلى مؤسسات وإدارات وشركات ومصانع وصنع أجهزة أو أدوات مختلفة والمساهمة في كتابة مقالات في جريدة أو مجلة وتعلم الكمبيوتر والتفرج على أشياء نافعة من خلال التلفزيون أو الكمبيوتر أو الفيديو وغيرها، فإن هذه كلها أنشطة ثقافية فيها من الخير ما فيها للتلميذ بدنيا ونفسيا وفكريا وروحيا في مجال دراسته وفي حياته اليومية حاضرا ومستقبلا، لكن على الضد يجب أن ينتبه التلميذ إلى أن النحت لصور حيوان أو إنسان والموسيقى الصاخبة والغناء الخليع.
والقمار والميسر والمسرحية الهابطة والتفرج على أفلام أو برامج لا تليق من خلال التلفزيون أو الفيديو أو الكمبيوتر كلها أنشطة غير تربوية من جهة ومحرمة شرعا من جهة ثانية والجهل هو الذي يدعو إليها وليس العلم، والمطلوب من المعلم أو الأستاذ أن يكون في ذلك قدوة صالحة فلا ينهى التلاميذ عن نشاط ويأتي هو مثله.