كن في الدنيا كالنحلة

كن في الدنيا كالنحلة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 14 سبتمبر 2023
ان الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا واشهد أن لا اله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله “يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون” ،” يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام انه كان عليكم رقيب” ، ” يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما” ثم أما بعد إن في الذكر والدعاء سعادة وهناء وفي تركهما بؤس وشقاء، والمؤمن يعرف أن من خير الأعمال عند الله تعالي وأزكاها وأعلاها ذكر الله تعالى.
وقيل لبعض الصالحين لما أكثر الخلوة ألا تستوحش؟ قال وهل يستوحش مع الله أحد؟ وقال آخر كيف أستوحش وهو يقول وأنا معه إذا ذكرني؟ فالذي يذكر ربه صاحب قلب حي يحس طعم الإيمان وحلاوته، وقال ابن القيم رحمه الله ” إذا إستغنى الناس بالدنيا فإستغن أنت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فأفرح أنت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة، قال بعض الزهاد ما علمت أحدا سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان فقال له رجل إني أكثر البكاء فقال إنك وإن تضحك وأنت مقر بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك وأن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه فقال أوصني.
فقال دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها وكن في الدنيا كالنحلة إن أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت أطعمت طيبا وإن سقطت على شيء لم تكسره ولم تخدشه” واعلموا يرحمكم الله إن مبدأ حدوث الإحتفال وإحيائه بمناسبة ذكرى المولد النبوي، فإنه حدث متأخر عن القرون الثلاثة الفاضلة، وبهذا نجد أن هذا الإحتفال في نشؤه، وبدايته، مناقضا لأصل من أهم الأصول التي يجب أن يتبعها المسلم في تلقي دينه، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم الموسوم إقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم قال “ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى وإما محبة للنبي صلي الله عليه وسلم وتعظيما له من إتخاذ مولد النبي صلي الله عليه وسلم عيدا مع إختلاف الناس في تاريخ مولده فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له وعدم المانع.
ولو كان خيرا محضا أو راجحا كان السلف أحق منا بفعله، فإنهم كانوا أشد محبة وتعظيما له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كانت محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهرا وباطنا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حرصاء على هذه البدع تجدهم فاترين في أمر الرسول صلي الله عليه وسلم مما أمروا بالنشاط فيه، وإنما هم بمنزله من يحمل مصحفا ولا يقرأ فيه ولا يتبعه، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فان يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار.