
دعائم طريق السعادة والفلاح
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 7 سبتمبر 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، إن من دعائم طريق السعادة والفلاح هو الهداية للإسلام، فلا شك أن الإسلام تحصل به السعادة في الدنيا والآخرة، فعلى قدر إسلام الوجه والقلب والجوارح واللسان لله تبارك وتعالى على قدر ما يحصل للعبد من الفلاح لأن النبي علقه بذلك في قوله “قد أفلح من أسلم” والحكم المعلق على وصف يزيد بزيادته وينقص بنقصانه، ووجه كون الإسلام سببا في الفلاح، أنه سبب لنجاة العبد من النار ودخوله الجنة، كما قال تعالى ” فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز” ولن يقبل الله من أحد دينا غير الإسلام، وأن الإسلام أكمل الشرائع وأفضلها، وأعلاها وأجلها.
فهو الدين الذي إرتضاه الله عز وجل لجميع البشر منذ أن خلق آدم عليه السلام إلى أن تقوم الساعة، وهو دين الأنبياء والمرسلين جميعا، وأنه دين الفطرة كما أنه حرر الإنسان من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد، وأن من مقاصده الأساسية هو حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، ولا يمكن لإنسان أن يهنأ بعيش أو راحة في ظل انتقاص أو غياب واحد من هذه المقاصد، فماذا سيكون حال الانسان لو غاب او انتقص جل هذه المقاصد، وأن ما شرعه من أحكام وعبادات وأخلاق هدفها تنظيم حياة الإنسان، وبث الراحة والطمأنينة والسعادة في نفسه، ولتجعل منه مخلوقا مكرما يعيش لهدف، ليس كل همه أن يأكل ويشرب ويتمتع كما تفعل الأنعام، وبشكل عام يمكن القول أن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ورسوله.
وقد إستفاض الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله في بيان ذلك عند تفسيره لقول الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ” فقال ما ملخصه أن الحياة النافعة إنما تحصل بالإستجابة لله ورسوله، فمن لم تحصل له هذه الإستجابة فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات، فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من إستجاب لله والرسول ظاهرا وباطنا، فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان، ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول، فإن كل ما دعا إليه ففيه الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول، وأن الإنسان مضطر إلى نوعين من الحياة، فالنوع الأول هو حياة بدنه التي بها يدرك النافع والضار ويؤثر ما ينفعه على ما يضره.
والنوع الثاني وهو حياة قلبه وروحه التي بها يميز بين الحق والباطل، والغيّ والرشاد، والهوى والضلال، فكما أن الإنسان لا حياة له حتى ينفخ فيه الملك الذي هو رسول الله من روحه، فيصير حيا بذلك النفخ، وإن كان قبل ذلك من جملة الأموات، فكذلك لا حياة لروحه وقلبه حتى ينفخ فيه الرسول البشري من الروح الذي ألقى إليه، فجعل وحيه روحا ونورا، فمن لم يحيه بهذا الروح فهو ميت، فيا عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وأوصيكم ونفسي بعلم الدين، فعلم الدين هو حياة الإسلام، يجب الاهتمام به تعلما وتعليما للكبار وللصغار، أوصيكم بأهلكم خيرا، بأولادكم خيرا، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.