مقال

إستعادة الأحزان والتحسر على ما فات

جريدة الأضواء المصرية

إستعادة الأحزان والتحسر على ما فات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 26 أغسطس 2024
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد إن العبد القوي الذي يرضى بقضاء الله وقدره، فإن الله تعالي يملأ قلبه سعادة وسرورا ورضا، أما الذي يتسخط ويعترض، وينظر إلى غيره، فإنه يعيش في شقاء لا يعلمه إلا الله تعالي، ومن إستقرت هذه المعاني في قلبه، إمتلأ قلبه رضا عن الله ويقينه، فصاحب الإيمان بالقدر يعيش عيشة هنيئة، ويحيا حياة كريمة طيبة لأنه يعلم علم اليقين أنه لن يصيبه إلا ما قدره الله له، ولن يخطئه إلا ما قدره الله له، أما إستعادة الأحزان والتحسر على ما فات، والتعلق بالماضي وتكرار التمني، والتحسر في المصائب، فليس من خلق المؤمن القوي فإن لو تفتح عمل الشيطان، وما عمله إلا الهواجس والوسواس، فلا التفات إلى الماضي إلا بقدر ما ينفع الحاضر، ويفيد المستقبل.

وإن كنت محبا صادقا فهذه سنته وهذا هديه بين يديك فخذ منه بقوة ولا تكن من المتهاونين، ولا تظنن أن كل الدموع صادقة، بل هناك دموع كاذبة فلقد جاء أخوة يوسف أباهم عشاء يبكون بعد أن فعلوا ما فعلوا بيوسف واتهموا الذئب وهو بريء من ذلك الدم، وإن الفرق بيننا وبين من كانوا قبلنا أن دموعهم حارة ودموعنا باردة، إن الدموع الحارة هي التي يبقى أثرها بالليل والنهار وتغير مجرى الحياة، ويبكي أصحابها لفوات الطاعات، أما الدموع الباردة فأثرها يذهب بعد نزولها بلحظات، وسبحان من زكّى أصحاب الدموع الحارة وبيّن صدقهم، فقال العوفي عن ابن عباس أن النبي صلى لله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه وأن يستعدوا للجهاد فجاءته عصابة جماعة منهم فجائته عصابة من أصحابه وكانوا أهل حاجة فقالوا يا رسول الله احملنا معك.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والله لا أجد ما أحملكم عليه” فتولوا وهم يبكون وعزّ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ولا يجدون نفقة ولا محملا، فلما رأى الله حرصهم على محبته، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم أنزل الله تعالي عذرهم في كتابه ووضح صدقهم، فهم بكوا على عدم القدرة على الجهاد وطلب الإستشهاد، ويا أخي المسلم أما قال نبينا المصطفي صلى الله عليه وسلم أننا “كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” أما يبكيك صوت الأرامل والأيامى وصوت الشيوخ واليتامى؟ والله لو استشعرت ما يجري حولك فلن تحتاج إلى كبير عناء حتى تبكي، فإن القلوب قد تراكمت عليها أحزان الزمان وآلم القلوب قهر المتسلطين وشماتة الأعداء والمنافقين، وحين تشعر أنك لا تفعل شيئا.

أو أنك لا تقدر على أن تفعل شيئا تجد أنك بحاجة إلى البكاء، فلا شيء يخفف من حرقة القلب مثل الدموع وهو دموع الذكر والشكر، ودموع الخشية والرهبة، ودموع الولاء، والبراء، ودموع الإنتماء لهذا الدين العظيم، فيا ولاة الأمور كما سعيتم مشكورين لإصلاح أمور دنيانا فاسعوا إلى صلاح ديننا وأخرانا واسعوا إلى صلاح ديننا وأخرانا حتى تكتمل فرحتنا، ويعم السرور وإننا والله متفائلون فبنصر الدين عز الدنيا ونعيم الآخرة وبنصر الدين يكون النصر والتمكين، ووالله لن تفرح قلوبنا إلا إذا حُرر أقصانا وفك أسرانا وخرج الكلاب من عراقنا ومن سائر بلاد المسلمين أذلة صاغرين، نسأل الله العافية والسلامة والصلاح لنا ولأبنائنا وبناتنا، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى