منزلة من منازل الجنة

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من ارسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد إن الوسيلة هي في الأصل ما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به، والمراد به في الحديث هو القرب من الله تعالى، وقيل هي الشفاعة يوم القيامة، وقيل هي منزلة من منازل الجنة، كما جاء في الحديث، وإن لفظة التوسل هو لفظة عربية أصيلة، وردت في القرآن والسنة وكلام العرب من شعر ونثر، وقد عني بها التقرب إلى المطلوب، والتوصل إليه برغبة، وقال ابن الأثير، بأن الواسل هو الراغب، والوسيلة هي القربة والواسطة، وما يتوصل به إلى الشيء، ويتقرب به، وجمعها وسائل، وقال الفيروزآبادي في كتابه القاموس، وسّل إلى الله تعالى توسيلا أي عمل عملا تقرب به إليه، كتوسل.
وقال ابن فارس في كتابه معجم المقاييس بأن الوسيلة هو الرغبة والطلب، ويقال وسل إذا رغب، والواسل هو الراغب إلى الله عز وجل، وقال الراغب الأصفهاني في كتابه المفردات بأن الوسيلة هي التوصل إلى الشيء برغبة وهي أخص من الوصيلة لتضمنها لمعنى الرغبة حيث قال الله تعالى ” وابتغوا إليه الوسيلة” وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى هو مراعاة سبيله بالعلم والعبادة، وتحري مكارم الشريعة، وهي كالقربة، والواسل هو الراغب إلى الله تعالى، وهناك معنى آخر للوسيلة، وهو المنزلة عند الملك، والدرجة والقربة، كما ورد في الحديث تسمية أعلى منزلة في الجنة بها، وذلك هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي فإن من صلي علي صلاة، صلى الله عليه بها عشرا،
ثم سلوا الله لي الوسيلةَ فإنها منزلة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلةَ، حلت له الشفاعة” رواه مسلم، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بالقضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين” رواه النسائي، ويأمر الله عز وجل عباده بالتقوى التي هي رأس كل خير.
وهي فعل الطاعة وترك المعصية، والأمر بها من أعظم الوصايا الإلهية والمواعظ النبوية، وأما الوسيلة فهي التقرب إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه، فهي ما يتوصل بها إلى رضا الله سبحانه وتعالى، فهي كل عمل صالح يتقرب به العبد إلى الله سبحانه وتعالى، ومن اتقى الله عز وجل، وعمل بطاعة الله عز وجل، وتوسل إلى الله تعالى، وجاهد في سبيل الله، تحقق له الفلاح في الدنيا والآخرة إذ حقيقة الفلاح هو الظفر والفوز بكل مرغوب ومطلوب، والنجاة من كل مرهوب، وهذا هو عنوان السعادة الأبدية والنعيم المقيم إذ غاية المؤمن رضا ربه سبحانه، والفوز بجنة الله تعالى، ولا يتحصل ذلك إلا بالإيمان والعمل الصالح، فإذا تحبب العبد إلى الله تعالى وتقرب إلى الله عز وجل بجملة من القربات والطاعات.