
عورة المرأة مع المرأة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
روي أنه لما دخلت نسوة من أهل الشام على السيدة عائشة رضي الله عنها قالت لعلكن من الكورة.. أي البلدة التي تدخل نساؤها الحمام.
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت سترها فيما بينها وبين الله عز وجل” رواه الحاكم وهو حديث صحيح.
فدل هذا على حُرمة وضع الثياب في غير بيت الزوج، كمن تضع ثيابـها عند الكوافيرة وفي المشاغل ومن ثم تبدو العورات، وتهتك الأستار التي بين المرأة وبين الله عز وجل.
وأيضاً المسابح والأندية الرياضية والمراكز الإجتماعية ونحوها، ويلحق به التهتك في قصور الأفراح فتأتي المرأة وما ظهر منها أقل مما سُتر، فيظهر الصدر والظهر وأحيانا أجزاء من البطن وأما ظهور الساقين وأحيانا الفخذين فحدّث ولا حرج.
فإنتشر بين النساء ما يُسمّى بالعاري وهذا فيه أكثر من محذور شرعي، أولا أن هذا هو اللباس الكاسي العاري، وثانيا وهو أن هذا من وضع الثياب في غير البيت.
ولا شك في تحريم هذا النوع من اللباس ولو كان بين النساء، وإن عورة الرجل مع الرجل ما بين السّرة إلى الركبة.
ومع ذلك لو خرج رجل يريد الصلاة وليس عليه إلا سروالا يستر ما بين السرة والركبة، لعُدّ هذا من السّفه وقلة العقل.
وهنا أود التنبيه على أمر قد يقول به بعض الناس وشبهة قد تثار بين حين وآخر، وهو قول بعضهم إن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل.
فهذا قول على الله بغير علم فليس عليه أثارة من علم ولا رائحة من دليل ولو كان ضعيفا، يعني ليس هناك حديث سواء صحيح أو ضعيف يقول إن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل.
فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله “المرأة عورة ” فإنه لا يستثنى من هذا الدليل الصحيح إلا بدليل صحيح ومن استثنى بغير دليل فقد تحكم برأيه وخالف السنة.
ثم إن الله لما ذكر الزينة وما يظهر منها للمحارم قرن المحارم مع النساء فدلّ على أن ما يجوز أن تظهره المرأة للمرأة ما يظهر عادة أمام النساء والمحارم وهي مواضع الزينة، والوضوء وما عداها فهو داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم ” المرأة عورة ” رواه الترمذي.
ومما يدل على ذلك أيضا أن عورة الأمة على النصف من عورة الحرّة ويوضحه قوله صلى الله عليه وسلم إذا زوج أحدكم خادمه، أي عبده أو أجيره فلا ينظـر إلى ما دون السرة وفوق الركبة” رواه أبو داود.
فهل إذا قيل إن عورة الحرّة مع الحرّة كعورة الرجل مع الرجل، فهل يعني هذا أن تظهر الأمة جميع عورتها أمام النساء؟ أو تستر السوءة المغلظة فقط ؟ فهذا لا يقول به عاقل، والإماء هن اللواتي كنّ يظهرن شيئا من أجسادهن.
إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب الإماء إذا تشبّهن بالحرائر، واليوم كم من الحرائر من تحتاج درّة عمر لتشبهها بالإماء ؟ فقال البيهقي والصحيح أنها لا تبدي لسيدها بعدما زوّجها ولا الحرة لذوي محارمها إلا ما يظهر منها في حال المهنة”.
وهكذا كان لباس نساء الصحابة في البيوت كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، ومما يجب على المرأة غض بصرها وحفظ فرجها والبعد عن أسباب الوقوع في الفاحشة والرذيلة، فالمرأة المسلمة مخاطبة بذلك.