مقال

الندم الشديد على المعصية

جريدة الأضواء المصرية

الندم الشديد على المعصية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 17 أغسطس 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، إنه ينبغي علي العبد المسلم الندم الشديد على المعصية، حيث كان الصحابة رضي الله عنهم، إذا إرتكب أحدهم ذنبا، ندم على ذلك، وإستشعر مغبة ذلك الذنب، وخاف من تبعاته، وظهر أثر هذا الخوف والندم، في التعبير عمّا فعل بعبارات قوية، فقال الصحابي الذي وقع على امرأته في رمضان “هلكت” وفي رواية ثانية “احترقت” وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله وفيه الندم على المعصية، وإستشعار الخوف، وفعل ما يكون كفارة لذنوبهم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

” من لطم مملوكه أو ضربه، فكفارته أن يعتقه ” رواه مسلم، والصحابة رضي الله عنهم قد يغضب أحدهم على أحد مماليكه، وقد يضربه، لكنه يسارع بفعل ما يكون كفارة لما قام به، فيعتق من قام بضربه من مماليكه، ومن الصحابة الذين قاموا بذلك، فعن ابن عمر رضي الله عنه، فقد أعتق مملوكا، وأخذ من الأرض عودا، وقال ما فيه من الأجر ما يساوي هذا، إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “من لطم مملوكه أو ضربه، فكفارته أن يعتقه” وقال العلامة العثيمين رحمه الله قول ابن عمر رضي الله عنهما ما فيه من الأجر ما يسوى هذا، ويعني أنني لا أريد بذلك البر والتقرب إلى الله عز وجل ولكن أريد بذلك زكاة نفسي، ومنهم الصحابي أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه، قال كنت أضرب غلاما لي، فسمعت من خلفي صوتا.

“اعلم أبا مسعود، لله أقدر عليك منك عليه” فالتفت، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت يا رسول الله هو حُرّ لوجه الله، فقال “أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار” رواه مسلم، ومنهم أبو معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، قال “كانت لي جارية ترعى غنما، فاطلعت ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعظم ذلك عليّ، قلت يا رسول الله، أفلا أعتقها قال “ائتني بها” فأتيته بها، فقال لها “أين الله؟” قالت في السماء قال “من أنا” قالت أنت رسول الله قال “اعتقه فإنها مؤمنة” رواه مسلم، طلبهم من الرسول علية الصلاة والسلام أن يطهرهم من ذنوبهم مع أن الأفضل للعاصي أن يستر على نفسه، وأن يتوب إلى الله من ذنوبه.

ولا يذكر ذلك لأحد، إلا أن الخوف من الله جل جلاله بلغ في قلوب الصحابة رضي الله عنهم مبلغا عظيما، أدى بهم أن يطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يطهرهم من ذنوبهم التي اقترفوها، ولو كان ثمن ذلك موتهم وإزهاق أرواحهم، فقد جاء ماعز رضي الله عنه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام واعترف مرارا بأنه زنا، وطلب أن يطهره، فرجم حتى مات، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله وفي هذا الحديث منقبة عظيمة لماعز بن مالك لأنه استمر على طلب إقامة الحد عليه ولم يرجع عن إقراره، مع أن الطبع البشري يقتضي أنه لا يستمر على الإقرار بما يقتضي إزهاق روحه، فجاهد نفسه على ذلك وقوي عليها، وأقر من غير اضطرار إلى إقامة ذلك عليه بالشهادة.

مع وضوح الطريق إلى سلامته من القتل بالتوبة، رضي الله عنه، وجاء في رواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال “لقد رأيته بين أنهار الجنة ينغمس” وفي رواية “قد غُفر له وأُدخل الجنة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى