الدكروري يكتب عن مكر وكيد أعداء الإسلام بالدين بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد إن الصراع بين الحق والباطل صراع قديم وممتد، وهو سنة إلهية، ومكر وكيد أعداء الإسلام بالدين وأهله أمر مستمر ومتكرر في كل زمان ومكان، فعلى الداعية إلى الله أن يلجأ إلى ربه، وأن يثق به، ويتوكل عليه، ويعلم أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، وفي الهجرة يبرز عظم دور الشباب في نصرة الحق ويتجلى ذلك في الدور الذي قام به علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين بات ليلة الهجرة على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يخشي من القتل، تضحية بحياته في سبيل الإبقاء على حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو شاب آخر من أبطال الهجرة وهو عبد الله بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
حيث كان يستمع أخبار قريش، ويزود بها النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر، وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى في رعيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما الغنم فاحتلبا وذبحا، فإذا غدا عبد الله بن ابي بكر من عندهما إلى مكة اتبع عامر أثره بالغنم يعفي عليه، وفي الهجرة بيان عظم شأن الأمانة ورد الحقوق لأهلها فقد تآمرت قريش على قتل النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في مكة، ورغم ذلك لم ينسي أن يوصي الإمام علي رضي الله عنه قبل هجرته ويوكله برد الودائع التي أودعوها عنده، فإن الأمة بحاجة ضرورية إلى الإستفادة من دروس الهجرة النبوية، وأن المسلمين الأوائل صنعوا تاريخا مشرفا، وهو ما يوجب على الأجيال الحالية إستلهام روح آبائهم وأجدادهم لتقديم نموذج حضاري متميز يحتذى.
فقد تركت الهجرة المباركة آثارا جليلة على حياة المسلمين، ليس فقط في عصر النبوة، ولكنها امتدت لتشمل كل عصر ومصر، بقيمها الأخلاقية والتشريعية التي تنظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع، وسيرته عليه الصلاة والسلام هي القدوة والأسوة الحسنة، وأعلموا عباد الله أن الهجرة الحقيقية هي هجرة القلوب إلى الله تعالى والإخلاص في التوجه إليه في السر والعلانية حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه” متفق عليه، ومن الهجرة هجرة ما يعبد من دون الله قال تعالى، ومنها هجرة العصاة، ومجانبة مخالطتهم، وهو الذي لا عتاب فيه، وهجرة الذنوب المعاصي، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم
” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه” متفق عليه، فهجران الشر والبعد عنه، وطلب الخير ومحبته، من حميد الأخلاق التي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارمها، وروي عن السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها أنها قالت لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي طوى قال أبو قحافة لإبنه من أصغر ولده أي بنية، اظهري بي على أبي قبيس قالت وقد كف بصره، قالت فأشرفت به عليه فقال أي بنية ماذا ترين ؟ قالت أرى سوادا مجتمعا، قال تلك الخيل، قالت وأرى رجلا يسعى بين يدي ذلك مقبلا ومدبرا، قال أي بنية ذلك الوازع، يعني الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها ثم قالت قد والله انتشر السواد، قالت فقال قد والله إذن دفعت الخيل، فأسرعي بي إلى بيتي فانحطت به.
وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته، قالت وفي عنق الجارية طوق من ورق، فتلقاها رجل فيقتطعه من عنقها، قالت فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد أتى أبو بكر بأبيه يقوده فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه ؟ قال أبو بكر يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه أنت، قال قالت فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال له أسلم، فأسلم، قال فدخل به أبو بكر وكأن رأسه ثغامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا هذا من شعره، ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته وقال أنشد الله والإسلام طوق أختي، فلم يجبه أحد قالت فقال أي أخيه احتسبي طوقك فوالله إن الأمانة في الناس اليوم لقليل،
وروي عبدالله بن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرق جيشه من ذي طوى أمر الزبير بن العوام أن يدخل في بعض الناس من كدى وكان الزبير على المجنبة اليسرى وأمر سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كداء.