الدكروري يكتب عن إهلاك الله للظالمين والطغاة بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله الخافض الرافع نحمده أن أنزل القرآن على الناس يتلى وأذهب به عن الأرواح المواجع، يا ربنا لك الحمد على كل حال وواقع، اللهم إنا نشهدك على أنفسنا بأننا نشهد بأنك أنت الله رب كل شيء ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، محمد عبدك ورسولك، اللهم صل وسلم وبارك عليه واجعل له صلاتنا وديعة يا من لا تضيع عنده الودائع، وبعد عباد الله اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم أما بعد إن في إهلاك الله للظالمين والطغاة آية كونية، وراحة للبلاد والعباد، وإظهارا لقدرة الرب سبحانه في خلقه، وعظمته وجلاله وكبريائه يملي للظالمين والطغاة، فتعلو كلمتهم، وتفشو قوتهم، وتعظم سطوتهم، حتى يظنوا في أنفسهم السيادة والعلو والرفعة والعزة والمنعة، وأنهم في ممالكهم ممكنون.
وفي عسكرهم وحرسهم آمنون، يأمرون وينهون، ويقربون ويعزلون، الخير ما استحسنوه، والشر ما عادوه، آراؤهم في الاقتصاد سديدة، وفي العلوم والفنون غير مسبوقة، وخلفهم همج رعاع يجيدون صناعة الطواغيت، فيؤلهون هؤلاء الطغاة، ويرفعونهم فوق قدرهم وعندها تحق عليهم كلمة الرب العظيم سبحانه، فيهلكهم ويجعل إهلاكهم من محامده وفضله سبحانه على خلقه، فقال الله تعالى فى سورة الأنعام ” فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين” وذلك فضلا عن أن إهلاك الظالمين يفتح باب الأمل أمام المستضعفين لنصر من الله وفتح قريب، فهل تأخذ الأمة الإسلامية من ذلك عبرة، حتى لا يعتريها كسل، ولا يتسلط عليها يأس؟ فإن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يعظمون يوم عاشوراء ويصومونه.
فكان له موقف وتوجيه في ذلك، فإن الطاعة هى أفضل صور شكر المنعم تبارك وتعالى، فصام صلى الله عليه وسلم هذا اليوم وأمر المسلمين بصيامه، وجعل في صومه أجرا كبيرا، فلما سئل صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء قال ” احتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله” ولكنه صلى الله عليه وسلم أراد لهذه الأمة أن تجمع بين الخيريتين خيرية طاعة الله سبحانه وشكر نعمة إهلاك الظالمين وإنجاء المؤمنين، وخيرية مخالفة المشركين، فنصح للمؤمن أن يخالف المشركين في احتفائه بهذا اليوم، فإذا أرادت هذه الأمة خيرية وسعادة ورفعة، فلتحرص على متابعة سُنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، وعلى مخالفة سُنَن المشركين، ولتعلم أن المشركين أهل غواية وإضلال، يحرصون على نشر الفساد والشر، وإيقاع هذه الأمة في حبائل المنكرات.
فهل تنتبه الأمة في ذكرى عاشوراء إلى مصدر عزها وخيريتها المتمثل في جمعها بين طاعة ربها، ومخالفة سبل الضالين والمجرمين من أصحاب الجحيم؟ ومن الأحداث الجسام في هذا اليوم أيضا هو ما أصاب الأمة المسلمة من مقتل أحد أفاضلها وكبرائها، فقد فجُع المسلمون باستشهاد الحسين بن علي رضي الله عنهما، ولا شك أن مقتله رضي الله عنه مصيبة، يفرح بها العدو ويُساء بها المحب، وقد ساء أهل السنة مقتل ريحانة النبي صلى الله عليه وسلم وابن ابنته، ولم يفرح بهذه المصيبة إلا المفسدون والخونة من السبئيين وغيرهم.