الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، الحمد لله الذي خلقنا وسوانا، وله الحمد على ما ربانا فيه على موائد البر والكرم، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد الذي أدبه وأحسن خلقه، وأثنى عليه سبحانه بقوله ” وإنك لعلي خلق عظيم ” وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربه من الذي صلحت قلوبهم وأنفسهم، وحسنت أخلاقهم وكانوا من الفائزين بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد لقد كان هناك أسباب لإجتهاد النبي المصطغي محمد صلى الله عليه وسلم في شعبان ومنها انه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله فالأعمال ترفع إلى الله يوميا، وأسبوعيا، وسنويا فيرفع إليه سبحانه وتعالى عمل النهار وعمل الليل، فعن أبي موسي الأشعري رضي الله عنه قال، قام فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم بخمس كلمات.
فقال ” إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل حجابة النور” رواه مسلم، وترفع إليه أعمال الأسبوع في يومي الاثنين والخميس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم” تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين” وترفع أعمال السنة في شهر شعبان، كما تقدم في الحديث وإذا كان شهر شعبان ترفع فيه أعمال العام فمما لاشك فيه أن يجتهد العبد بأحب الإعمال إلى الله ليرفع عمله وهو عليها، وفى ذلك يشير النبي صلى الله عليه وسلم ويوجههنا إلى عبادة من أحب العبادات إلى الله تعالى فيقول صلي الله عليه وسلم ” فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ” كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصوم حتي نقول لا يفطر.
ويفطر حتي نقول لا يصوم فما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان” رواه البخاري ومسلم، إذ أن الصيام من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، ويشهد لذلك ما جاء عن أبي أمامة رضي الله عنه حيث قال، قلت يا رسول الله مرني بعمل، قال ” عليك بالصوم فإنه لا عدل له” وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من صام يوما في سبيل الله بعّد الله وجهه عن النار سبعين خريفا” رواه البخاري وفي صيام شعبان معنى آخر، ننوه عنه، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل الإنسان في رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته.
فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط كما أن صيامه بالنسبة لرمضان كالسنة الراتبة القبلية للصلاة وصيام الست من شوال لرمضان كالراتبة البعدية للصلاة، وإن من اجل الأحداث التي كانت في شهر شعبان هو حدث تحويل القبلة، ذلكم الحدث الجليل، الذي كان فارقا في تاريخ الأمة الإسلامية، والذي يعد من ابرز مظاهر التكريم الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم حيث ألاستجابة لدعائه وتحقيق رغبته وأمله ورجائه، فلما هاجر صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، استقبل بيت المقدس في صلاته بأمر من الله تعالى، وظل على هذه القبلة ستة عشرا أو سبعة عشر شهرا، وكان صلى الله عليه وسلم يشتاق إلى أمر الله تعالى بالتوجه إلى البيت الحرام، قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام فكان يرجو الله بقلبه ويدعو بلسان حاله، فإستجاب الله تعالي له، وأكرمه بتحقيق ما يرجوه.