مقال

الدكروري يكتب عن إحسان الظن بالجار

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الرحيم الرحمن، علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدي والفرقان، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون، وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومن تبعهم بإحسان ثم أما بعد، إن من حق الجار هو إحسان الظن بالجار، فإذا رأى الجار ما يريبه من جاره، فليحسن به الظن، وإذا تكلم معه فليحمل كلامه محملا حسنا، فعلى الجار دائما أن يحسن الظن بأخيه الجار لأن إساءة الظن بالآخرين تورث الشحناء والبغضاء بين أفراد المجتمع، وقد يكون هذا الذي تسيء الظن به وتبغضه، أفضل منك بكثير وأنت لا تدري فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده والطبراني في كتابه الكبير بسند صحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه. 

أن رجلا مر بمجلس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم الرجل، فردوا عليه، فلما جاوز، قال أحدهم إني لأبغض هذا، قالوا مه، فوالله لننبئنه بهذا، انطلق يا فلان، فأخبره بما قال له عليه، فأخبره، فانطلق الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بالذي كان، وبالذي قال هذا الرجل، قال الرجل يا رسول الله، أرسل إليه، فاسأله لم يبغضني؟ فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لما تبغضه؟” قال يا رسول الله، أنا جاره وأنا به خابر، ما رأيته يصلي صلاة إلا هذه الصلاة التي يصليها البر والفاجر، فقال له الرجل يا رسول الله، سله هل أسأت لها وضوءا أو أخرتها عن وقتها؟، فقال لا، ثم قال يا رسول الله، أنا له جار وأنا به خابر، ما رأيته يطعم مسكينا قط إلا هذه الزكاة التي يؤديها البر والفاجر. 

فقال يا رسول الله، سله هل رآني منعت منها طالبها، فسأله، فقال لا، فقال يا رسول الله، أنا له جار وأنا به خابر، ما رأيته يصوم صوما قط إلا الشهر الذي يصومه البر والفاجر، فقال الرجل يا رسول الله، سله هل رآني أفطرت يوما قط لست فيه مريضا ولا على سفر؟ فسأله عن ذلك، فقال لا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “فإني لا أدري، لعله خير منك” فعليك أخي الجار الكريم، أن تحسن دائما الظن بجارك في أقواله وأفعاله لتدوم الحياة بينكما على المودة والألفة والرحمة، وكما أن من حق الجار هو عدم إيذاء الجار، ولقد حذر الإسلام أشد التحذير من إيذاء الجار، وبيّن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن مَن آذى جاره، فليس مؤمنا بالله واليوم الآخر، فقد أخرج الإمام البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. 

“من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذِ جاره” فدل ذلك على أن عدم أذى الجار من الإيمان ولذا تجد أن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ينفي الإيمان عمن يؤذي جاره، فقد أخرج الإمام البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن” قيل من يا رسول الله؟ قال “الذي لا يأمن جاره بوائقه” كما في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري عن أبي شريح الكعبي، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والله لا يؤمن، والله لا يؤمن” قيل يا رسول الله، لقد خاب وخسر، من هذا؟ قال ” من لا يأمن جاره بوائقه” قالوا وما بوائقه، قال “شره” وفي رواية لمسلم قال “لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه” فالنبي صلى الله عليه وسلم نفى الإيمان إلا بمحبة الجيران. 

فقد أخرج الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره أو قال لأخيه ما يحب لنفسه” وقد ذكر الإمام الغزالي في كتابه الإحياء أن بعض السلف الصالح شكا كثرة الفئران في داره، فقيل له لو اقتنيت هرّا أي قطة حتى يهرب الفأر من دارك، فقال أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر، فيهرب إلى الجيران، فأكون قد أحببت لهم ما لا أحب لنفسي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى