مقال

الدكروري يكتب عن حق جارك عليك

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفّق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله خير من علم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلم تسليما مزيد ثم أما بعد إن من حق جارك عليك هو إذا قدر الله عز وجل أن تمر به ضائقة مالية، وأتى إليك ليستقرض منك مالا، فعليك أن تعطيه إن كان معك هذا المال، وهذا من باب التعاون بين المسلمين، وأهمس في أذن الدائن، فأقول له إذا اقترض منك أخوك مالا وحان وقت السداد، ولم يقدر على تسديد دينه، فأنظره إلى حين المقدرة على السداد، وأهمس في أذن المستدين، وأقول له عليك أن تبادر بكتابة هذا الدين في ورقة.

وتعطيها لأخيك الذي أقرضك، ثم إذا حان وقت السداد، فبادر بقضائه قبل أن توافيك المنية فقد أخرج الإمام الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” نفس المؤمن معلقة بدَينه حتى يقضى عنه” أي محبوسة عن مقامها الكريم، وأخرج الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين” وكان حاتم الأصم يقول ” العجلة من الشيطان إلا في خمسة أشياء فإنها من السنة إطعام الضيف إذا دخل، وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدين، والتوبة من الذنب” وانظر إلى ابن المقفع لما بلغه أن جارا له يبيع داره في دين ركبه، وكان يجلس في ظل داره، فقال ما قمت إذا بحرمة ظل داره إن باعها معدما، فدفع إليه ثمن الدار، وقال له لا تبعها، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال. 

“مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل لجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى” وكما أن من حق الجار هو تعليمه العلم الشرعي، ومصاحبته إلى المساجد ومجالس العلم، فقد أخرج الإمام الطبراني في كتابه المعجم الكبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم، فأثنى على طوائف من المسلمين خيرا، ثم قال “ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم، ولا يعلمونهم ولا يعظونهم، ولا يأمرونهم ولا ينهونهم؟ وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم، ولا يتفقهون ولا يتعظون؟ والله ليعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم، ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم، ويتفقهون ويتعظون أو لأعاجلنهم العقوبة” ثم نزل، فقال قوم من ترونه عنى بهؤلاء؟ قال عنى الأشعريين فإنهم قوم فقهاء.

ولهم جيران من أهل المياه والأعراب، فبلغ ذلك الأشعريين، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله، ذكرت قوما بخير، وذكرتنا بشرّ، فما بالنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أخرى ” ليعلمن قوم جيرانهم، وليعظنهم، وليأمرنهم ولينهونهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم، ويتعظون، ويتفقهون أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا” فقالوا يا رسول الله، أنفطن غيرنا؟ فأعاد عليهم قوله، فأعادوا قولهم أنفطن غيرنا؟ فقال ذلك أيضا، فقالوا أمهلنا سنة، فأمهلهم سنة ليعلموهم، ويفقهوهم، ويعظوهم، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية التي جاءت في سورة المائدة ” لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داوود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر قعلوه لبئس ما كانوا يفعلون” 

فعليك أيها المسلم أن تقوم بحق جارك وعليك من النصح، والتعليم، والوعظ والإرشاد، وأن تصحبه إلى مجالس العلم لتكون ممن قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه كما في صحيح مسلم “من دلّ على خير، فله مثل أجر فاعله” فيوم مثل يوم الجمعة، ما المانع أن تصحب معك جارك إلى الصلاة، ولا تتركه لنفسه الأمارة بالسوء؟ بل اصحبه إلى المسجد حيث الرحمات والبركات، والقربى، والزلفى إلى رب الأرض والسموات، ولك مثل أجره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى