إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلي اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد إن جبر الخواطر هو من أسباب تفريج الكروب والشدائد عن المسلم، فإذا كان المسلم يجبر خواطر إخوانه في حاجاتهم، سيرزقه الله من حيث لا يحتسب، ويرفع عنه بلايا لا يشعر بها، وكما أن جبر الخواطر هو من أسباب تحصيل ثواب عظيم في الآخرة، فإذا كان المسلم يجبر خواطر إخوانه في دار الدنيا، سيرى ثمار ذلك في دار الآخرة، حيث سيرى مقعده من الجنة، ويرى نور وجهه في المحشر وكما أن جبر الخواطر هو من أسباب تكفير الذنوب ورفع الدرجات.
فإذا كان المسلم يجبر خواطر إخوانه بالقول والفعل، سيغفر الله له ذنوبه ويرفع درجاته، وسيكون في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وكما أن جبر الخواطر هو من أسباب تحقيق السعادة والرضا في الدنيا والآخرة، فإذا كان المسلم يجبر خواطر إخوانه بالمعروف والمغفرة، سيعيش حياة هنية مطمئنة، وسيدخل جنة عرضها السماوات والأرض، وإن من شروط وآداب جبر الخواطر هو الإخلاص لله تعالى في جبر الخواطر وهو أن يكون الهدف منه رضا الله والتقرب إليه، وليس المجاملة أو التزلف أو التملق أو غير ذلك من المقاصد الدنيئة، وكما أن من شروط وآداب جبر الخواطر هو التعاطف مع المبتلى وهو الشعور بما يشعر به من ألم وحزن، وعدم التقليل من شأن مصيبته أو السخرية منها أو المقارنة بينها وبين مصائب أشد منها.
فذلك قد يزيد من جراحه ويجرح مشاعره وكما أن من شروط وآداب جبر الخواطر هو الحكمة في اختيار الكلمات بحيث تناسب حال المبتلى وترقى إلى قلبه، وتجنب الكلمات التي قد تثير غضبه أو تزعجه أو تجرح كرامته أو تفتح عليه جروحا قديمة، كما ينبغي اختيار الوقت المناسب لجبر الخواطر، وعدم المبادرة إليه في حالة الغضب أو الانفعال أو الارتباك، وكما أن من شروط وآداب جبر الخواطر هو الصبر على ردود فعل المبتلى، حيث أنها قد تكون سلبية أو عدائية أو متذمرة أو مستاءة، فإن ذلك طبيعي في حالة المصاب، ولا يجوز أن يستاء منه المجبر أو يغضب عليه أو يتخلى عنه، بل يجب أن يظهر له الحنان والود والصبر والسكينة، وكما أن من شروط وآداب جبر الخواطر هو الدعاء للمبتلى.
سواء أكان بالشفاء والعافية والصبر والسلوان، وأن يفرج الله عنه كربته ويكشف عنه غمته ويجعل مصيبته في ميزان حسناته، كما يجب أن يذكره بفضل الصبر على المصائب، وأجر الشكر على النعم، وأن لا شيء يصيب المؤمن إلا بإذن الله، وأن كل شيء خير له إذا صبر ورضي، وكما أن من شروط وآداب جبر الخواطر هو الإحسان إلى المبتلى، سواء أكان بالمادة والمعنى، وأن يقدم له ما يحتاجه من نصائح أو توجيهات أو مساعدات أو هدايا أو زيارات أو إتصالات أو غير ذلك من مظاهر المودة والإخاء، كما يجب أن يشاركه في أفراحه وأتراحه، وأن يكون له صديقا وفيا ومؤانسا ومعينا، فاللهم اغفر لنا ذنوبنا ووسع لنا في دورنا، وبارك لنا فيما رزقتنا.