الدكروري يكتب عن تقييم الطرف الخاسر في الطلاق بقلم/ محمـــد الدكـــروري اليوم : السبت الموافق 27 يناير
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد إن تقييم الطرف الخاسر في الطلاق أمر نسبي، يرتبط ارتباطا وثيقا ببعض المكتسبات المجتمعية، والمعتقدات البالية، والتقاليد المتوارثة بتعاقب السنوات، فالمجتمعات الشرقية مثلا تمنح الرجل حصانة كاملة ضد كل أنواع الخسارات، بما فيها الأخلاقية وتعتبر المرأة هي الحلقة الأضعف في مسلسل الانفصال، أما المجتمعات الغربية فترى في طلاق المرأة نهاية فعلية لأمر كابوس وبداية حتمية لأجمل مستقبل، وما بين اختلاف الأماكن وتعدد الثقافات برزت حفلات توديع الخيبات التي غزت تقريبا كل المجتمعات.
وأصبحت المرأة كما الرجل تحتفل بعد الطلاق بأشهى التورتات كي تظهر للعالم بأنها سعيدة بانفصالها وتخلّي الرجل عنها أو هروبها منه لا يعني نهاية الحياة، وفي ظل تنامي العديد من الظواهر الغريبة وتفشي التفكك الأسري واستفحاله في مجتمعنا العربي المسلم يتساءل الكثيرون، ليس عن الأسباب وإنما من الخاسر الأكبر بعد حصول الطلاق، أهي المرأة أم الرجل؟ وتقول إحدى الدراسات الغربية التي أجرتها مجلة صحة الرجال على شبكة الإنترنت إن أول رد فعل للرجل بعد انتهاء العلاقة، هو سرعة الخروج مع أصدقائه وسرعة الارتباط بأخرى، فكثير من الرجال يتعالى على ما حدث، وكأنه يحتفل مع أصدقائه، وأن الموضوع برمته غير مهم، وهؤلاء شكلوا أقلية، لأن نسبة كبيرة من المشاركين في الدراسة.
قالوا إنهم يودعون طليقاتهم بابتسامة لامبالاة، وكلا النسبتين تمثل شكلا من أشكال الأقنعة الزائفة التي يخفي بها الرجال مشاعرهم الحقيقية، لأنهم لا يستطيعون التعامل مع آلامهم أو غضبهم أو إحباطهم، وقد لا يتنبه الرجال إلى حالة الوحدة، إلا بعد تخطي المرحلة الأولي من ردود الفعل الأولية، فيبدؤون في الحداد على حياتهم، أما النساء فلا يضيعن الوقت، وفور انتهاء العلاقة يبدأن في البكاء، ثم يبدأن مرحلة الحديث مع الأخريات بصراحة عن مشاعرهن بعد الطلاق، وإنهن يواجهن الأحزان فورا كما أكدت الدراسة وهو الأمر الذي يساعدهن على التخلص من المحنة بشكل أسرع، وتفريغ شحنة الانفعالات بصورة إيجابية، عكس الرجال الذين يكبتون مشاعرهم فتظل تنتقل معهم في سراديب حياتهم.
كما وجد باحثون أن قدر كبير من الرجال المطلقين يغيرون مسكن الزوجية، ولا يحبون العيش فيه بعد الانفصال فنفسية الرجل ووضعه الاجتماعي ليسا بالقوة المعتقدة كما هو متعارف، فهو غالبا ما يشعر بالفراغ والوحدة بعد الطلاق، وقيل أن الوضع يختلف من رجل الى آخر، فهناك الرجل العنيد الذي يخفي معاناته ولا يرجع فى قراره، وهناك الرجل الضعيف الذي ينهار ولا يستطيع متابعة حياته بصورة طبيعية، وهناك الحائر الذي اتخذ القرار ولم يعرف تداعياته، خاصة إذا كان هناك أطفال فيظل في عذاب دائم، ومن جهة أخرى كشفت دراسة علمية حديثة أن الرجال هم المتضررون من الطلاق في المقام الأول وليست النساء كما هو شائع، وشملت تلك الدراسة عشرة آلاف رجل مطلق تزايدت نسبة إصابتهم بأمراض جسدية ونفسية.
كما أن الإقبال على الإنتحار لدى هؤلاء يفوق مرتين ونصف معدل الرجال المتزوجين، وأشار أطباء الصحة النفسية إلى أن السبب الذي يضايق الرجال بعد الطلاق ليس فقط فقدان دورهم كأزواج، بل خسارتهم لدورهم كآباء، فالأم قد تمارس دور الأب والأم معا بعد الطلاق أما الزوج فيخسر دوره كأب، حسبما أوردت مجلة الصدى، وأكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس الدكتور محمد خليل أن الزوج المطلق أكثر معاناة من المرأة التي غالبا ما تتأقلم مع وضعها الجديد، فالنساء أكثر قدرة من الرجال على تحمل صدمة الطلاق، حيث إن الرجال يميلون عادة إلى كبت أحزانهم وعدم البوح بها للغير كما تفعل معظم النساء، مما يعرضهم إلى أمراض جسدية ومشكلات نفسية عديدة بعد الطلاق.