مقال

بركة وخوف رسول الله

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن بركة وخوف رسول الله 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأربعاء الموافق 15 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ليلة فركب فرسا لأبي طلحة بطيئا ثم خرج يركض وحده فركب الناس يركضون خلفه، فقال لن تراعوا” رواه البخاري، وقال أنس رضي الله عنه ” فوالله ما سُبق أي فرس جابر بعد ذلك اليوم ” وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتلاحق بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على ناضح لنا قد أعيا فلا يكاد يسير، فقال لي ما لبعيرك؟، قال قلت عيي، قال فتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فزجره ودعا له.

فما زال بين يدي الإبل قدامها يسير، فقال صلى الله عليه وسلم لي كيف ترى بعيرك؟ قال قلت بخير، قد أصابته بركتك” رواه البخاري، وقال ابن حجر في الفتح ” آل أمر جمل جابر لما تقدم له من بركة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مآل حسن، فرأيت في ترجمة جابر من تاريخ ابن عساكر بسنده إلى أبي الزبير رضي الله عنه قال فأقام الجمل عندي زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فعجز فأتيت به عمر فعرفت قصته، فقال اجعله في إبل الصدقة وفي أطيب المراعي، ففعل به ذلك إلى أن مات ” ولقد كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وصحابته وسلف هذه الأمة قمة في الخوف من الله سبحانه وتعالى، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا رأى الريح تغير وجهه، وقام وأقبل وأدبر ويقول “ما يؤمنني أن قوما رأوا الريح فقالوا “هذا عارض ممطرنا” أي دائما كان فيه عذابهم.

فإذا نزل المطر ذهب ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم، يصلي وحده فيبكي، والناس في العادة إنما يبكون في اجتماعهم معا في الصلاة، ولكن الخائفين من الله عز وجل، حقا كرسول الله صلى الله عليه وسلم، يقع منهم البكاء في صلاتهم منفردين عن الناس، كما يقول عبد الله بن الشخير، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي “ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء” أي كصوت القدر يغلي بالماء، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه، من خوفه من الحساب والجزاء يقول ليتني كنت شاة ذبحها أهلها، فأكلوا لحمها، وحسوا مرقها” وكان بعض السلف يبكي بكاء شديدا عند قوله تعالى فى سورة الزمر ” وبدالهم ما لم يكونوا يحتسبون ” ويقول أحدهم هم قوم عملوا أعمالا ظنوها صالحة فوجدوها وبالا عليهم يوم القيامة.

وكان بعضهم ينظر مرارا في المرآة مخافة أن يكون وجهه قد اسود من المعاصي، وكان بعضهم يقوم بالليل يتفقد جلده وينظر فيه خشية أن يكون قد مسخ قردا أو خنزيرا، فهكذا كان صدق خوفهم من عقوبات الذنوب والمعاصي، والتحقق بالصدق في هذه الأمور عزيز جدا، فلا غاية لهذه المقامات حتى ينال تمامها، ولكن لكل حظ حسب حاله، إما ضعيف وإما قوي، فإذا قوي سمي صادقا، وإذا علم الله من عبد صدقا قَرّبه وأنعم عليه وأعانه وأكرمه بمعيته، والصادق في جميع مقامات الدين وعباداته عزيز، ولكن قد يكون للعبد صدق في بعضها دون بعض، وهناك أيضا الصدق في النية والإرادة، ويسمى الإخلاص، ومقابله الكذب أو الرياء، فيقول الله عز وجل فى كتابه الكريم فى سورة محمد ” فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ” أي فإذا جدّ الحال وحضر القتال، فلو أخلصوا النية لله لكان خيرا لهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى