الدكروري يكتب عن الإنفاق يقي المال الآفات بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الأحد الموافق 5 نوفمبر
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد إن عقيدة التوحيد، في أبعادها المتعددة وتجلياتها المتنوعة، مغيبة في الواقع العملي والكثير من الأدبيات اليوم، التي تحاول إدخالها في طور الفلسفة وعلم الكلام والتجريد الذهني، أو تقتصر فيها على الرياضات النفسية تنقية للمعتقد، وتحريرا لمفهوم الذات الإلهية، وتحديدا لصفات الألوهية والربوبية فقط، دون الامتداد بها إلى تغيير واقع الحياة، وإعادة بنائها، وتصحيح علاقاتها، بحيث يمكن تصنيفها جميعا في إطار الاقتصار على تصويب الوسائل للوصول إلى تحقيق الأهداف بشكل صحيح.
ذلك أن الاقتصار على بناء الوسائل، دون إعمالها في واقع الحياة وتحقيق الأهداف يشكل خللا كبيرا، حيث تتحول بذلك الأهداف إلى وسائل، وعندها قد لا نجد فرقا كبيرا في مسالك ودروب الحياة بين من يمتلكها ويدندن حولها ويحاول تـحريرها، وبين من لا يلقون لذلك بالا، بل قد لا نجد إلا اختلافا في العناوين، دون أي فرق في المضامين والمسالك، فعليكم بكثرة ذكر الله والصدقة، فقد قال الشيخ بن العثيمين رحمه الله ومن فوائد الصدقة هي البشرى لمن أنفق، بالزيادة لقوله تعالى ” والله يعدكم مغفرة منه وفضلا” فإن قال قائل كيف يزيد الله تعالى المنفق فضلا ونحن نشاهد أن الإنفاق ينقص المال حسا فإذا أنفق الإنسان من العشرة درهما صارت تسعة فما وجه الزيادة ؟ فالجواب أما بالنسبة لزيادة الأجر في الآخرة فالأمر ظاهر.
فإن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وأما بالنسبة للزيادة الحسية في الدنيا فمن عدة أوجه، فالوجه الأول وهو أن الله عز وجل قد يفتح للإنسان باب رزق لم يخطر له على بال، فيزداد ماله والوجه الثاني هو أن هذا المال ربما يقيه الله سبحانه وتعالى آفات لولا الصدقة لوقعت فيه، وهذا مشاهد فالإنفاق يقي المال الآفات، والوجه الثالث هو البركة في الإنفاق بحيث ينفق القليل وتكون ثمرته أكثر من الكثير، وإذا نزعت البركة من الإنفاق فقد ينفق الإنسان شيئا كثيرا في أمور لا تنفعه أو تضره وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما نقصت صدقة من مال” رواه مسلم وفى هذا الحديث معنيين وأحدهما هو معناه أنه يبارك فيه، ويندفع عنه المضرات.
فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفية، وهذا مدرك بالحسّ والعادة والثاني هو أنه وإن نقصت صورته كان في الثواب المترتب عليه جبر لنقصه وزيادة إلى أضعاف كثيرة وايضا الصدقه سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات والوقاية من النار، فقال الله عز وجل ” يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد، الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم” وقال العلامة السعدي رحمه الله، لما حثهم على الإنفاق النافع ونهاهم عن الإمساك الضار بيّن لهم أنهم بين داعيين داعي الرحمن، وداعي الشيطان، فمن كان مُجيبا لداعي الرحمن وأنفق مما رزقه الله تعالي.
فليبشر بمغفرة الذنوب وقال الله جل جلاله ” وإن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير” وقال العلامة محمد العثيمين رحمه الله ومن فوائد الآية أن الصدقة سبب لتكفير السيئات.