الدكروري يكتب عن الزيف الأخلاقي بقلم/ محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالَمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، الذي كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يمازح العجوز، فقد سألته امرأة عجوز قالت يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ” يا أُم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز، فولت تبكي، فقال أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول ” إنا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا، عربا أترابا” وكان معظم ضحكه صلى الله عليه وسلم هو التبسم، بل كله التبسم، فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه، وكما من كرمه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل يطلب البردة التي هي عليه فأعطاه إياها صلى الله عليه وسلم، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد فإن النفاق وهو زيف أخلاقي يبرهن على قيمة الأخلاق الصحيحة، وكذلك الاتحاد هو ثمرة لشجرة ذات فروع وأوراق وجذوع وجذور، هي الأخلاق الفاضلة بمراتبها، وإن رجل بلا أخلاق هو وحش تم إطلاقه على هذا العالم، وإن مكارم الأخلاق عشر، هن صدق اللسان، وصدق البأس، وإعطاء السائل، وحسن الخلق، والمكافأة بالصنائع، وصلة الرحم، وإن من علامة حسن الخلق أن تكون في بيتك أحسن الناس أخلاقا، وأنه لا شيء في العالم يفسد الأخلاق كالمال، وإن الفعل الأخلاقي هو الذي تحس بعده بالراحة، وغير الأخلاقى هو ما تحس بعده بعدم الراحة، وحسن الخلق يستر كثيرا من السيئات، كما أن سوء الخلق يغطي كثيرا من الحسنات، وإن العشرة السيئة تفسد الأخلاق الحسنة، وإن أدنى أخلاق الشريف كتمان سره، وأعلى أخلاقه نسيان ما أسر إليه.
وأنه يمكن للإنسان أن يدخل قلوب الآخرين دون أن ينطق بكلمه واحدة، إذ يكفيه سلوكه الناطق بالصفات الكريمة والأخلاق الحميدة، وإن تمام السعادة بمكارم الأخلاق، ودائما ما أسعى بثبات إلى تطوير نعمة الأخلاق فهي كالسكر التي تجذب كل شيء إليها، وإن الجمال من دون الأخلاق والكياسة كالصنارة من دون الطعم، وهكذا فإن الأخلاق هو كل ما يتصل بعمل المسلم ونشاطه، وما يتعلق بعلاقته بربه، وعلاقته مع نفسه، وعلاقته مع غيره من بنى جنسه، وما يحيط به من حيوان وجماد، وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يتميز بأخلاقه الحسنة وحسن تصرفه مع نفسه ومع أهل بيته والأشخاص المحيطين به صلى الله عليه وسلم، فكان مثالا للخُلق والكرم والحلم والأمانة والرحمة ولهذا اختصه الله تعالى برسالته ونبوته وأرسله رحمة للعالمين ومتمما لمكارم الأخلاق.
ولذلك أثنى الله سبحانه وتعالى عليه، بما لم يثن على نبي من أنبيائه، ويجب علينا جميعا أن نعلم أن الأخلاق الحسنة من أسباب دخول الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال “سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال” تقوى الله وحسن الخلق” وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال صلى الله عليه وسلم ” الفم والفرج” وكذلك فإن الأخلاق الحسنة سبب في محبة الله لعبده، وقد ذكر الله تعالى محبته لمن يتخلق بالأخلاق الحسنة، والتي منها الصبر والإحسان والعدل وغير ذلك،
فقد قال تعالى فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة البقرة ” وأنفقوا فى سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكه وأحسنوا إن الله يحب المحسنين” وقال أيضا سبحانه وتعالى ” والله يحب الصابرين” وقال أيضا سبحانه وتعالى ” إن الله يحب المقسطين”وقال صلى الله عليه وسلم” أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا”.