مقال

الدكروري يكتب عن فتاوي الإمام محمد عبدة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن فتاوي الإمام محمد عبدة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية كما جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن الإمام محمد عبده, وقيل أنه عندما تولي الإمام محمد عبدة منصب مفتي الديار المصرية فقد أفتي بمجموعة من الفتاوي ومن أهما أنه أفتي بجواز التصوير الفوتوغرافي وإقامة التماثيل وجواز أكل ذبائح المسيحيين واليهود، والسماح للمسلم بارتداءه الزي الأوروبي، وارتداد القبعة، وإجاز فائدة البنوك، وجواز التأمين علي الحياة وعلي الممتلكات، ثم مثلما عمل الإمام محمد عبده علي تجديد الفكر الاسلامي فإنه كان داعية للحكم المستنير القائم علي الشوري والعدل، ولكن بعد اخفاق تجربة عرابي الثورية، ومعارضة الحكام من أسرة محمد علي للحكم البرلماني، فكان يقول لن ينهض الشرق إلا بالمستبد العادل.

هل يعدم الشرق كله مستبدا من أهله عادلا في قومه، يتمكن به العدل أن يصنع في خمسة عشر سنة ما لا يصنع العقل في خمس عشرة قرنا فهو كان يري أن الحكام هم أقدر الناس علي انتشال الأمة مما سقطت فيه، لكن هؤلاء الحكام علي حد قوله لم يفهموا من معني الحكم إلا تسخير الأبدان لأهوائهم، وإذلال النفوس لخشونة سلطانهم، وابتزاز الأموال لانفاقها في إرضاء شهواتهم، لا يرعون في ذلك عدلا ولا يستشيرون كتابا ولا يتبعون سنة، حتي أفسدوا أخلاق الكافة بما حملوها علي النفاق والكذب، والاقتداء بهم في الظلم، وما يتبع ذلك من الخصال التي ما فشت في أمة إلا حل بها العذاب، وتلك علة من أشد العلل فتكا بالأرواح والعقول، وهولم ينخدع بحكم الخلفاء الأمويين والعباسيين الذي قام علي الاستبداد والقهر.

مع خداع العامة والبسطاء بأنه حكم ديني، وأكثر من ذلك فقد وصف الامام محمد عبده الفتوحات الإسلامية بأنها أعمال سياسية حربية تتعلق بضرورات الملك ومقتضيات السياسة ومن ثم فهي ليست بالحروب الدينية، كما أن الحرب بين الأمويين والهاشميين هي حرب علي الخلافة وهي بالسياسة أشبه بل هي أصل السياسة، وهاجم هؤلاء الخلفاء المستبدين قائلا استبد هؤلاء وأمثالهم بالمسلمين وقادوهم إلي الحروب والهلاك في سبيل بناء امبراطورياتهم المزعومة، وقد كانوا مع رعاياهم يضلونهم ويحجبون عنهم مسالك النور باسم الدين ويذلونهم ويضيقون علي عقولهم ويحرمون عليهم النظر في السياسة فصاروا لا يرون من وراء ذلك مرجعا وخاصة في المسائل السياسية الخاصة، وبذلك قضوا علي قوي البحث والفكر.

مما أصاب المسلمين بالشلل في التفكير السياسي والنظر في كل مايتصل بشأن الحكم، وكشف خطة هؤلاء المستبدين في خداع العامة والبسطاء باسم الدين قائلا أدخلوا علي الدين ما ليس فيه ونجحوا في إقناع العامة وهم عون الغاشم بتعظيم الاحتفالات وأعياد الأولياء، حتي يقف الفكر وتجمد العقول، ثم بثوا أعوانهم في الممالك الإسلامية ينشرون من القصص والأخبار ما يقنع الناس بأنه لا نظر لهم في الأمور العامة وأن أمور الدولة تخص الحكام وحدهم وأن ما يظهر من فساد ليس من صنع الحكام وإنما تحقيق لما ورد في الأخبار من أحوال آخر الزمان وإنه لا حيلة في الإصلاح، والأسلم تفويض ذلك إلي الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى