
الدكروري يكتب عن لوقيان السمسياطي ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لوقيان السمسياطي هو لوقيانوس أو لوقيان كان أديب وبليغ سوري، وعاش بالقرن الثاني الميلادي عرف بكتاباته باللغة اليونانية القديمة، وهو عالم وفيلسوف وكاتب ساخر فهو أول من أبحر في علم الرواية والخيال ويعد أشهر المفكريين والفلاسفة والعلماء والملهم، والمعلم الأول لكثير من الفلاسفة في عصره وللفلاسفة والكتاب من بعده وللأدب العالمي، وولد لوقيان عام مائة وخمس وعشرين من الميلاد، في مدينة سميساط على الفرات في شمال سوريا وتوفي عام مائة وثمانين من الميلاد، وهناك من يقول أنه توفي عام مائة وخمس وسبعين من الميلاد، ويعتبر لوقيان هو أول كاتب في القصة العلمية الخيالية في العالم وأشهر كاتب في هذا المجال، لوقيان هو أول من حول الإنسان إلى وسط الحلقة، حيث انه قبله نرى ان الاساطير الدينية سواء كانت شرقية أو غربية تكلمت الا عن الالهة والمعجزات التي تقوم بها، لكن لوقيان أخذ الإنسان كرمز في قصصه لتحقيق المعجزات المادية.
ولقد عاش لوقيان مئات السنين قبل زمنه، وينحدر لوقيان من عائلة فقيرة، وقد اثر عهد صباه عليه كثيرا وكان يغتنم كل فرصة لانتقاد الاغنياء وشحهم، ونرى مثلا في قصته الحلم يقدم صورة من حياته، وكما تكلم لوقيان عن العذاب والجوع والحرمان الذي يعاني منه العمال، ونجده يتكلم عن العلم والدراسة وكيف يجب على الإنسان تقديسهما، وتكلم عن الفقراء وكيف يجب فتح الباب لتعليمهم، ويقول لوقيان ان الذين يختارون الحكمة والعلم، حتى ان ماتوا وزالت اجسامهم تبقى اسمائهم تتذكرها الاجيال وافكارهم تبقى ابدية، وتكلم كذلك عن سقراط وكيف كان كسار حصى مثله، لكنه يقول ان اسمه بقى خالدا ويقول ان الاغنياء ينساهم الناس لكن العلماء محترمون ومكرمون في كل الازمنة والمجتمعات، ونشأ لوقيان وتعلم في سوريا وكان إنسانا رحالة ومغامرا وكان ذو خيال كبير يهوى الاكتشاف والبحث في الامور الالهية وعالم الخيال والأدب الفلسفي التي اشتهر به.
ورحلات أسطورية كتب عنها ذات اوصاف ووقائع لم يكشف عنها حتى اليوم، وصف بلدان وعوالم وحلق في عالم من الغرابة والأسطورية ذكر ووصف اشكال المخلوقات الخرافية ونباتات ووصف جزر نائية وبحار أو انهار مسحورة في عالم من الروعة والابداع، وفي عهد لوقيان قامت ثورات في أنحاء الامبراطورية ومنها في بلده سوريا في موريطانيا من سنة مائة وأربع وأربعين من الميلاد، إلى مائة واثنين وخمسين من الميلاد، ومصر سنة مائة وثلاث وخمسين من الميلاد، وفلسطين سنة مائة وخمس وخمسين من الميلاد، وشمال افرقيا سنة مائة وستين من الميلاد، وكانت المناصب العليا في الامبراطورية حينا ذاك في يد العساكر الذين كانوا يكرهون المثقفين وكل ما له علاقة بالثقافة، وتلك الظاهرة نعيشها الآن، وقد كتب لوقيان السوري عن هذا العالم، وبدات المسيحية تنتشر في عدة أماكن بالامبراطورية، وفي عهده قامت حرب بسوريا.
وكان ذلك سنة مائة وواحد وستين من الميلاد، بعد موت القيصر انطونيوس بيوس، حيث اغتنم الوطني السوري بارتيرنا الفرصة لتحرير البلاد من الرومان وفتكوا بفيلق روماني وانتصروا عليه، وكانت سوريا من أهم البلاد في عهد الامبراطورية الاغريقية، وقضى لوقيان حياته يتنقل من بلاد إلى بلاد في حوض البحر الأبيض المتوسط، وبعدما أتم دراسته بسوريا نجده مرة يشتغل كمدرس في أثينا، ومرة كموظف في الإدارة ومعلم ببلاد مصر، وعالم وكاتب وفيلسوف ومعلم في سوريا مرات عديدة وغير ذلك في بلاد أخرى، وينحدر لوقيان من عائلة فقيرة وتكلم كثيرا عن الفقر والجوع والإهانة التي يلاقيها الفقير في حياته، كان لوقيان يحسن الاغرقية إلى درجة انه استعمل حوالي عشرة ألاف كلمة في كتبه، وهذا الرقم لم يصله أي فيلسوف اغريقي على الإطلاق عدا أفلاطون، وكتب لوقيان الكثير من الأعمال الأدبية وعلوم الخيال والوجود والحياة والفلسفة.
تتراوح بين الحكاية والرواية والرسائل الفلسفية وهو أول من استعمل أسلوب القصة في تاريخ الأدب العالمي، واشتهر لوقيان في الغرب كواحد من أكبر الفلاسفة التي عرفهم التاريخ وله مكانة كبيرة بين العلماء، وكذلك نجده المعلم لهلبارغ وشكسبير وفولتير وغيرهم بأسلوبه الحواري الالهائي ونال شهرة كبرى بالغرب وعلى وجه الخصوص في فرنسا في عصر النهضة، وموليار يعتبر تلميذا من تلامذته، واثر كثيرا على شكسبير بكتابه تيمون كاره الإنسانية وتأثيره الكبير على الحضارة الغربية بشكل خاص وعن شهرته في بلاده، وكتب لوقيان بأسلوبه الساخر عن العالم والحياة والوجود والإنسان والحلم والحقيقة والخيال، لقد انتقد وسخر من الكثير من الفلاسفة وتناقضهم، انتقد المجتمع انتقادا لاذعا، وضحك وسخر من الإنسان وجنونه في بعض الأحيان وانانيته، وانتقد كذلك المؤرخين وكتب كتابا كيف يكتب التاريخ.
وقال ان المؤرخين يقومون بنشر الاكاذيب ويحورون الحقائق، ولا يقومون بتحليل الأحداث وأسبابها، ويكتبون الا عن الاقوياء ويمدحونهم، وسبب ثورته ضد المؤرخين هو ان الرومانيين الذين كتبوا عن الحرب الرومانية ضد بارتارنا نشروا الكثير من الاكاذيب، وحارب لوقيان الشعوذة بكل أنواعها وتكلم في كل الميادين عدا السياسة التي كانت محرمة في العهد الروماني، وهاجم كذلك الأديان الاغريقية القديمة بكل عنف وسخر من محتواها وتناقضها، رفض لوقيان استعمال اللاتينية في كتبه رغم أنه كان يحسنها جيدا وهذا دليل على رفضه الاستعمار الروماني لبلاده، وفي كتابه سلطة الكذب أو الشك، يقول لوقيان لماذا للكذب جاذبية كبرى في هذا العالم للإنسان? وهناك كثيرون من يحبون الكلام الجنوني، وليس هذا فقط بل كلما ازداد الكلام جنونا كلما سمعته الناس واحبته ويقول احتمال ان سبب الكذب هو الانتهازية وقضاء المصلحة الخاصة.