مقال

أبو عبد الله سلمان الخير الفارسي ” جزء 1″ 

أبو عبد الله سلمان الخير الفارسي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

هو سلمان الفارسي أبو عبد الله، ولد في إيران بالقرب من مدينة أصفهان، وقد نشأ لعائلة تتبع المجوسية أو الزردشتية، سُمي بسلمان ابن الإسلام، وسلمان الخير، والباحث عن الحقيقة، وقد كان زاهدا حازما، عارفا بفنون الحرب، تميز برجاحة العقل، ونبل الأخلاق، ولقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم، بين سلمان الفارسي وأبي الدرداء، وسلمان الفارسي هو صحابي، ومولى للنبي صلى الله عليه وسلم وأحد رواة الحديث النبوي، وهو أول الفرس إسلاما، وأصله من بلاد فارس، وقد ترك أهله وبلده سعيا وراء معرفة الدين الحق، فانتقل بين البلدان ليصحب الرجال الصالحين من القساوسة، إلى أن وصف له أحدهم ظهور نبي في بلاد العرب، ووصف له علامات ليتحقق منه، واتفق سلمان مع قوم من بني كلب لينقلوه إلى بلاد العرب.

 

فغدروا به وباعوه إلى يهودي من وادي القرى، ثم اشتراه يهودي آخر من يثرب من بني قريظة، ورحل به إلى بلده، وها هو ذا، جالس هناك تحت ظل الشجرة الوارفة الملتفة أما داره ” بالمدائن ” يحدث جلساءه عن مغامرته العظمى في سبيل الحقيقة، ويقص عليهم كيف غادر دين قومه الفرس الى المسيحية، ثم الى الاسلام وكيف غادر ثراء أبيه الباذخ، ورمى نفسه في أحضان الفاقة، بحثا عن خلاص عقله وروحه، وكيف بيع في سوق الرقيق، وهو في طريق بحثه عن الحقيقة، وكيف التقى برسول الله صلي الله عليه وسلم وكيف آمن به، فيقول سلمان الفارسى، كنت رجلا من أهل أصبهان، من قرية يقال لها ” جي ” وكان أبي دهقان أرضه، وكنت من أحب عباد الله اليه وقد اجتهدت في المجوسية، حتى كنت قاطن النار التي نوقدها، ولا نتركها تخبو.

 

وكان لأبي ضيعة، أرسلني اليها يوما، فخرجت، فمررت بكنيسة للنصارى، فسمعتهم يصلون، فدخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فأعجبني ما رأيت من صلاتهم، وقلت لنفسي هذا خير من ديننا الذي نحن عليه، فما برحتهم حتى غابت الشمس، ولا ذهبت الى ضيعة أبي، ولا رجعت اليه حتى بعث في أثري، وسألت النصارى حين أعجبني أمرهم وصلاتهم عن أصل دينهم، فقالوا في الشام وقلت لأبي حين عدت اليه اني مررت على قوم يصلون في كنيسة لهم فأعجبتني صلاتهم، ورأيت أن دينهم خير من ديننا، فحازرني وحاورته ثم جعل في رجلي حديدا وحبسني، وأرسلت الى النصارى أخبرهم أني دخلت في دينهم وسألتهم اذا قدم عليهم ركب من الشام، أن يخبروني قبل عودتهم اليها لأرحل الى الشام معهم، وقد فعلوا، فحطمت الحديد وخرجت، وانطلقت معهم الى الشام.

 

وهناك سألت عن عالمهم، فقيل لي هو الأسقف، صاحب الكنيسة، فأتيته وأخبرته خبري، فأقمت معه أخدم، وأصلي وأتعلم، وكان هذا الأسقف رجل سوء في دينه، اذ كان يجمع الصدقات من الانس ليوزعها، ثم يكتنزها لنفسه، ثم مات، وجاءوا بآخر فجعلوه مكانه، فما رأيت رجلا على دينهم خيرا منه، ولا أعظم منه رغبة في الآخرة، وزهدا في الدنيا ودأبا على العبادة، وأحببته حبا ما علمت أني أحببت أحدا مثله قبله، فلما حضر قدره قلت له انه قد حضرك من أمر الله تعالى ما ترى، فبما تأمرني والى من توصي بي ؟ قال أي بني، ما أعرف أحدا من الناس على مثل ما أنا عليه الا رجلا بالموصل، فلما توفي، أتيت صاحب الموصل، فأخبرته الخبر، وأقمت معه ما شاء الله أن أقيم.

 

ثم حضرته الوفاة، سألته فأمرني أن ألحق برجل في عمورية في بلاد الروم فرحلت اليه وأقمت معه واصطنعت لمعاشي بقرات وغنمات ثم حضرته الوفاة، فقلت له الى من توصي بي؟ فقال لي يا بني ما أعرف أحدا على مثل ما كنا عليه، آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي يبعث بدين ابراهيم حنيفا، يهاجر الى أرض ذات نخل بين جرّتين، فان استطعت أن تخلص اليه فافعل وان له آيات لا تخفى، فهو لا يأكل الصدقة، ويقبل الهدية، وان بين كتفيه خاتم النبوة، اذا رأيته عرفته، ومر بي ركب ذات يوم، فسألتهم عن بلادهم، فعلمت أنهم من جزيرة العرب، فقلت لهم أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني معكم الى أرضكم ؟ قالوا نعم، واصطحبوني معهم حتى قدموا بي وادي القرى، وهناك ظلموني، وباعوني الى رجل من يهود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى