أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري ” جزء 2″

أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثاني مع أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري، وكانت وصايا النبي صلى الله عليه وسلم،لأنس في الصلاة ” إذا قدرت أن تجعل من صلواتك في بيتك شيئا فافعل فإنه يكثر خير بيتك، وأكثر الصلاة باليل والنهار يحبك حافظاك، وإذا سجدت فلا تنقر كما ينقر الديك ولا تقع كما يقع الكلب ولا تفترش ذراعيك افتراش السبع وافرش ظهر قدميك الأرض وضع إليتيك على عقبيك فإن ذلك أيسر عليك يوم القيامة في حسابك، وصلى صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين من قبلك، وإن أستطعت أن لا تزال تصلي فافعل فإن الملائكة لا تزال تصلي عليك ما دمت تصلي، وإياك والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة وإذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك وافرج بين أصابعك وارفع يديك عن جنبيك فإذا رفعت رأسك من الركوع فكن لكل عضو موضعه فإن الله عز وجل لا ينظر يوم القيامة إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده ”
وكان مما أعلى شأن أنس بن مالك رضي الله عنه بالنسبة للمسلمين أنه سمع بعضا من أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولم يكن بينهما أحد لذلك تفرد أنس ببعض الأحاديث التي لم يرويها سوى أنس وكان شغف كثير من الصحابة والتابعين للسماع من أنس ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما لم يكن بينهما أحد، ويدل على ذلك قول عروة بن رويم قال أقبل أنس بن مالك إلى معاوية بن أبي سفيان وهو بدمشق قال فدخل عليه فقال له معاوية ” حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بينك وبينه فيه أحد، فقال أنس سمعت رسول الله يقول ” الإيمان يمان هكذا إلى لخم وجذام ” وقد شهد أنس رضي الله عنه غزوة بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يخدمه، إذ كان عمره حينها اثني عشر عاما.
وقال أنس بن مالك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلقا، وأرحبهم صدرا، وأوفرهم حنانا، فقد أرسلني يوما لحاجة فخرجت، وقصدت صبيانا كانوا يلعبون في السوق لألعب معهم، ولم أذهب إلى ما أمرني به، فلما صرت إليهم شعرت بإنسان يقف خلفي، ويأخذ بثوبي، فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسّم ويقول “يا أنيس، أذهبت إلى حيث أمرتك؟” فارتبكت وقلت نعم، إني ذاهب الآن يا رسول الله، والله لقد خدمته عشر سنين، فما قال لشيء صنعته لما صنعته، ولا لشيء تركته لما تركته، وكان قد استعمله أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين على عمالة البحرين وشكراه في ذلك، وقد انتقل بعد النبي صلى الله عليه وسلم فسكن البصرة، وقد ناله أذى من جهة الحجاج، وذلك في فتنة ابن الأشعث،
فقد توهم الحجاج منه أنه له مداخلة في الأمر، وأنه أفتى فيه، فختمه الحجاج في عنقه، الذي يعرف باسم عنق الحجاج، وقد شكاه أنس إلى عبد الملك بن مروان، فكتب إلى الحجاج يعنفه، ففزع الحجاج من ذلك وصالح أنس بن مالك، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أتاني معاذ بن جبل رضي الله عنه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا بها قلبه دخل الجنة” فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله، حدثني معاذ أنك قلت “من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا بها قلبه دخل الجنة” فقال صلى الله عليه وسلم “صدق معاذ، صدق معاذ، صدق معاذ” وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دخلت على البراء بن مالك رضي الله عنه وهو يتغنى بالشعر، فقلت له يا أخي، تتغنى بالشعر وقد أبدلك الله به ما هو خير منه القرآن.
فقال أتخاف علي أن أموت على فراشي وقد تفردت بقتل مائة سوى من شاركت فيه، إني لأرجو ألا يفعل الله ذلك بي، وبفضل خدمة وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لأنس بن مالك رضي الله عنه مكانة عظيمة عند المسلمين حيث كان يحمل الكثير من كنوز السنة والسيرة النبوية وكان مما يميز أنس بن مالك عن بقية خدم النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لم يكن ليحتفظ بهذا العلم الذي تعلمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يحتفظ به لنفسه أو يكتمه عن غيره ممن لاقاهم بعد وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فاستفاد من رواياته لأحاديث ومعاملات وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، جميع المسلمين وروى عنه كثير من التابعين وحفظوا ما رواه هو عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وطال عمر أنس بن مالك رضى الله عنه فعاش حتى مل الحياة وإشتاق إلى لقاء ربه، فقد روي عنه أنه قال ” طال عمري حتى أستحييت من أهلي أشتقت لقاء ربي ” فكان أنس آخر من توفي ممن صلى القبلتين فقد شهد تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وكان آخر من توفي من الصحابة.