مقال

الأمانة في أعظم صورها

جريدة الأضواء المصرية

الأمانة في أعظم صورها
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، إن الأمانة بإعتبار متعلقها تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وهم أمانة تتعلق بحق الله تبارك وتعالى على عباده، فالله عز وجل إئتمنك على حقوقه في هذه الحياة، فخلقك لطاعته وأوجدك لعبادته وأمرك ونهاك، لم يخلقك سُدى ولم يتركك هملا وإنما خلقك لغاية حميدة وأوجدك لهدف رشيد وهو عبادة الله، وأنت مؤتمن على هذا الأمر، مؤتمن عليه بل إن الأمانة في أعظم صورها القيام بها فيما يتعلق بحق الله على عباده، ولهذا عباد الله التوحيد أمانة والشرك خيانة.

وأعظم الأمانة التوحيد وأعظم الخيانة الشرك والتنديد، إن من يقوم بحق الله عز وجل، بإخلاص الدين له وإمتثال أوامره والبعد عن نواهيه والحذر من الإشراك معه تبارك وتعالى إنا من يكون كذلك قد قام بالأمانة في حق الرب العظيم سبحانه وتعالى، إن معرفتك بالله وبأسمائه الحسنى وصفاته العظيمة ومعرفتك بجلاله وجماله وعظمته وكماله، ومعرفتك بقدرته جل وعلا وتمام حكمته وشمول علمه، كل ذلك مما يحقق لك القيام بالأمانة على أبهى صورها وفي أتم حللها، والقسم الثاني هو الأمانة في حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم، فنحن مؤتمنون على القيام بحقوقه صلي الله عليه وسلم، ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم، محبته وتقديم محبته على النفس والنفيس، وعلى الولد والناس أجمعين، يقول عليه الصلاة والسلام.

” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين، ولما قال عمر رضي الله عنه يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، قال صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، فقال عمر والله يا رسول الله لأنت الآن أحب إلي حتى من نفسي، فقال الآن يا عمر” فمن الأمانة في حق الرسول صلي الله عليه وسلم، محبته صلى الله عليه وسلم، محبة تقتضي إمتثال أوامره والبعد عن نواهيه، وتصديق أخباره وتعظيمه وتوقيره، والقيام بحقوقه عليه الصلاة والسلام والبعد عن الغلو فيه صلى الله عليه وسلم، فكل ذلك أمانة، وهي أمانة علينا إتجاه الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم، والقسم الثالث وهو الأمانة فيما يتعلق بحقوق الناس، فهناك أمانة تتعلق بحق الوالدين، وأمانة تتعلق بحق الأبناء.

وأمانة تتعلق بحق الجيران، وأمانة تتعلق بحق التجار، والموظفون مؤتمنون والمعلمون مؤتمنون، وكل في مجاله مؤتمن، والله تبارك وتعالى سائل كلا عمّا إئتمنه عليه، وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم ” كلم راع وكلكم مسئول عن رعيته ” وبهذا يتبين لنا أن الأمانة لا تختص بمجال واحد كما يظنه بعض عوام المسلمين، أن الأمانة إنما تختص بأداء الودائع إلى أهلها، فليس الأمر كذلك، وإنما الأمانة مسؤولية عظيمة وواجب كبير، أمانة تتعلق بحقوق الله، وأمانة تتعلق بحقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمانة تتعلق بحقوق عباد الله، فاتقوا الله عباد الله وأَعطوا الأمانة حقها، وتحملوا هذه المسؤولية العظيمة، وأَدّوا هذا الواجب الكبير، واعلموا أن الله عز وجل سائلكم عن هذه الأمانة حينما تقفون بين يدي الله عز جل، حين العرض الأكبر على الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى